السؤال
اضطررت في أحد الأيام للسفر ليلاً (وهي المرة الأولى في حياتي) ولم أتمكن من النوم في الظهر؛ فلذا سافرت دون أن أنام، ووصلت فجراً للدولة الأخرى ونمت لمدة 4 ساعات تقريباً، نهضت بعدها مضطرة للذهاب إلى موعدي وأنا نصف نائمة، وبعدما رجعت وحاولت الاستلقاء على ظهري شعرت وكأن الدنيا تدور بي، فنهضت جالسة، وفي المساء من نفس اليوم حدث نفس الأمر، عندما أضع رأسي على الوسادة يميناً أو يساراً أو أحاول الاستلقاء على ظهري ينتابني ذلك الدوار، ولم أهنأ بالنوم لمدة خمسة أيام!
عدت بعدها إلى بلدي والحالة ما زالت مستمرة، صداع مع نبض مع دوار وثقل في الرأس أثناء محاولة النوم، مع العلم أنني بعد العودة من السفر بدأت أنام جيداً، إلا أن الدوار ما زال ملازماً لي في الصباح.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية.
فلا شك أن السفر بالطائرات خاصة إذا كان السفر من الغرب إلى الشرق وكانت المسافة طويلة هذا يؤدي إلى اضطراب معروف في النوم، حتى أن الطيارين والمضيفين وأطقم الطائرات يعانون من ذلك كثيراً، إلا أنهم بعد فترة يحدث لهم نوع من التواؤم والتكيف، والذي حدث لك من الواضح أنه كان له علاقة بالسفر، وهذا الاضطراب كما ذكرت لك معروف جداً، وهو آني ووقتي ويختفي غالباً بعد أسبوع من السفر، وهناك من يعرف هذه العلة؛ ولذا يتناول البعض الأدوية قبل أن يصل إلى مكانه، فأعرف من يتناول بعض الأدوية في أثناء السفر منها عقار مشهور يعرف باسم (Stilnox) وهو عقار منوم ولكنه يقلل كثيراً ما يعرف بإجهاد فروق المسافات الزمنية.
عموماً هذا عامل ربما يكون قد أثر عليك، ولكنه الآن قد انتهى، الأهم من ذلك هو أعتقد أن طبلة الأذنين لديك قد تعرضت لاختلافات ضغط الهواء، وهذا أدى إلى هذا الشعور بالدوار والذي استمر معك حتى الوقت الحاضر، ونحن نذكر تماماً أنك في استشارات سابقة أشرت أنك تصابين بهذا الدوار أيضاً حين تكونين في المجمعات التجارية، وهذا علامة من علامات المخاوف الاجتماعية، أو ما يمكن أن نسميه بمخاوف الساحة أو الساح، فإذن أنت لديك عدة عوامل:
أنت لديك أصلاً الاستعداد للمخاوف، والمخاوف كثيراً ما تظهر في شكل دوار، كما أن السفر بالطائرة واختلاف ضغط الهواء قد يكون أثر على طبلة الأذنين لديك، ولديك العامل الآخر وهو الانسداد في الجيوب الأنفية، وإن كنتُ أرى أن ذلك ليس مهماً.
إذن الذي أرجوه منك هو أن تعرضي نفسك على طبيب الأنف والأذن والحنجرة للتأكد أنه لم يحدث خلل في طبلة الأذنين. ومن جانبي أود أن أصف لك أدوية بسيطة سوف تساعدك – إن شاء الله تعالى – لأن ما تعانين منه من صداع مع نبض هو من علامات القلق النفسي، وكما ذكرت لك: أنت في الأصل لديك الاستعداد للقلق والذي ظهر في شكل مخاوف بالنسبة لك.
أنصحك بتناول عقار يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، والجرعة الصحيحة هي خمسون مليجراماً (حبة واحدة) ليلاً لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفضي الجرعة إلى خمسين مليجراماً كل يومين لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله.
لا أعتقد أنك في حاجة لأكثر من هذه الجرعة، وتوجد أدوية أخرى مشابهة مثل: عقار يعرف تجارياً باسم (فافرين Faverin) ويعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، وعقار آخر يعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) أو (باكسيل Paxil)، وعقار ثالث يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، ولكن الذي وصفته لك – إن شاء الله تعالى – هو دواء جيد ومفيد.
في بعض الحالات نصف عقاراً آخر يعرف تجارياً باسم (دوجماتيل Dogmatil) ويعرف علمياً باسم (سلبرايد Sulipride)، أيضاً هو عقار مفيد وجيد ولا مانع من أن تتناوليه بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهر، ثم تتوقفي عن تناوله، وهو يعتبر علاجاً مدعماً، ولكني لا أريدك أن تستمري عليه لفترة طويلة أو بجرعة كبيرة؛ لأنه قد يؤدي إلى ارتفاع في هرمون الحليب لدى النساء، وهذا قد يؤدي إلى نوعٍ من الاضطراب في الدورة الشهرية.
أرجو ألا تنزعجي لذلك، هذه مجرد معلومة وددت أن تعرفيها، ولا أعتقد أن مع هذه الجرعة الصغيرة ومع هذه المدة القصيرة سوف يحدث هذا الأثر الجانبي.
هنالك دواء يستعمله كثيراً أطباء الأنف والأذن والحنجرة، هذا الدواء يعرف تجارياً باسم (بيتاسيرك Betaserc) ويعرف علمياً باسم (Betahistine dihydrochloride)، هذا الدواء من الأدوية الجيدة جدّاً لعلاج الدوار، فيمكن أن تتناوليه بجرعة ستة عشر مليجراماً صباحاً ومساءً لمدة شهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى ثمانية مليجرامات صباحاً ومساءً لمدة شهر، ثم إلى ثمانية مليجرامات (حبة واحدة) لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناوله.
وبالطبع إذا قمت بمقابلة طبيب الأنف والأذن والحنجرة هذا يكون أفضل، ولا داعي لأن تتناولي البيتاسيرك إذا كنت ستقابلين الطبيب.
أود أن أنصحك نصائح عامة، وهي ضرورة أن تكثري من المواجهات الاجتماعية، واذهبي إلى المجمعات التجارية ما دام هنالك حاجة لذلك، ولا تتخوفي ولا تترددي، اجعلي حياتك حياة فعالة، طوري مهاراتك الاجتماعية باتصالك بأرحامك وأهلك، وبما أنك بدون عمل أنصحك أيضاً أن تنضمي إلى إحدى الجمعيات الخيرية والجمعيات التطوعية وجمعيات البر والإحسان، هذه – إن شاء الله تعالى – مفيدة جدّاً لتطور الإنسان اجتماعياً ويجعله يحس بقيمة ذاته.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً،