استشارات منطقة الرأس

علاج نوبات الهرع وأعراضها المتمثلة في الرعشة والتعرق

السؤال

أعاني منذ ثلاث سنوات من أعراض جسمية، مثل الشعور بالدوخة الشديدة، والعرق الغزير، وارتجاف الأرجل، وتستمر هذه الأعراض لعدة ساعات، ذهبت إلى الكثير من المستشفيات، وعملت كل التحاليل المطلوبة للدم وغيره، وكذلك أشعة مقطعية للدماغ Mri وكانت كل التحاليل سليمة، إلا أني لاحظت عندما يعطيني الطبيب مهدئات مثل الفاليوم أو الكسوتانيل تزول الأعراض أو تخف بدرجة كبيرة، الأمر الذي جعلني أذهب إلى الطبيب النفسي، لا سيما أنه منذ عشرين عاماً كنت قد عانيت من أعراض مشابهة، عبارة عن ضربات قلب شديدة جداً، مع ألم في الصدر، ودوخة شديدة، وعملت رسم قلب وكانت النتيجة سليمة، ولم يفد أي علاج، إلى أن ذهبت للطبيب النفسي، أعطاني حسب ما أذكر أقراصاً تسمى ستلايزين واختفت جميع الأعراض في مدة وجيزة، تقريباً شهرين أوثلاثة.

وهذه المرة أي منذ ثلاث سنوات أعطاني الطبيب سبرام 20 ملجم، ومعه لكسوتانيل وإندرال لمدة حوالي عام، إلا أن النتائج كانت محدودة، واستمرت الأعراض، ثم أعطاني ساليباكس 20 ملجم لمدة عام آخر، وأيضاً كانت النتائج محدودة، واستمرت الأعراض؛ مما أصابني بنوع من الاكتئاب، حتى تركت العمل ولزمت البيت، ولا أستطيع حتى أن أخرج لأي أمر، ثم أعطاني سبرالكس 10 ملجم، ومعه أنافرانيل 25 ملجم، وموتيفال حبة واحدة مساء، وقد تحسنت كثيراً على هذا العلاج الأخير، واختفت تماماً أعراض الاكتئاب ورجعت للعمل والخروج من البيت، وقلّت كثيراً أعراض الدوخة، وارتجاف الأرجل، إلا أنها لم تنقطع تماماً، وتفاجئني أحياناً كل يوم بعد الأكل، وأحياناً بعد بذل مجهود، وأحياناً بدون سبب مما يضايقني كثيراً، ويؤثر على عملي.

وسؤالي: هل يمكن لهذه الأعراض أن تختفي تماماً إلى غير رجعة مثل ما حدث قبل عشرين عاماً؟ وهل هذه هي نوبات فزع كما قرأت كثيراً في موقعكم؟ مع العلم أنها تستمر معي لعدة ساعات، إلا أن حدتها قد قلت مع استعمال الدواء الأخير، وهل يوجد دواء للتخلص منها نهائياً أرجو ذلك؟

وختاماً لكم تحياتي وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأعراض التي انتابتك قبل عشرين عاماً هي بالطبع نفس الأعراض التي انتابتك قبل ثلاث سنوات، ومن ذلك الوقت تتناول العلاج، وتتأرجح حالتك بين التحسن والانتكاسة، إلى أن تحسنت أخيراً بدرجة كبيرة.

هذه الأعراض – كما وصفتها – هي بالطبع لنوبات الهرع أو نوبات الفزع، أو ما يسمى باللغة الإنجليزية (بانك أتاكس Panic attack).

وحقيقة هذه النوبات هي في الأصل نوع من القلق النفسي، وتشخص تحت الأمراض النفسية العصابية، وهو علة من علل القلق النفسي الشديد، وتأتي في شكل نوبات حادة، والفزع أو الهرع قد يستمر دقائق قليلة، أو قد يستمر ساعات لدى بعض الناس، وقليلاً ما يستمر لمدة أيام.

إذن من الناحية التشخيصية ينطبق تشخيص الفزع على حالتك، وبالطبع هو دائماً مرتبط بمخاوف وعسر في المزاج، وما يعرف بالقلق التوقعي، أي الإنسان دائماً يعيش تحت نوع من الخوف والتهديد بأن هذه النوبة قد تأتيه في أي وقت.

وكثيراً ما يذهب مرضى الهلع إلى أطباء القلب والباطنية وخلافه، وفي نهاية المطاف ينتهي بهم الأمر لدى الطبيب النفسي.

فأنت الحمد لله الآن تحت إشراف الطبيب النفسي وهذا شيء صحيح، وأنت في المكان الصحيح، وبين الأيدي الأمينة من الناحية العلاجية، وأهم شيء لعلاج الهلع أو الفزع هو أن تعرف أنه حالة نفسية، وأنه يأتي في شكل نوبات، وأنه يمكن أن يعالج بإذن الله تعالى، وأنه مزعج، ولكنه ليس خطيراً.

ومن وسائل العلاج الهامة جدّاً تمارين الاسترخاء، فهي تعتبر وسيلة علاجية مهمة جدّاً، وهنالك عدة أشرطة وكتيبات توضح كيفية إجراء هذه التمارين، كما أن الطبيب النفسي يمكن أن يرشدك للكيفية التي تقوم بتنفيذ هذه التمارين، وهي بصورة مختصرة تتمثل في أن تستلقي في مكان هادئ، وتتأمل في شيء جميل، ثم تغمض عينيك وتفتح فمك قليلاً، ثم تأخذ نفساً عميقاً وبطيئاً، املئ الصدر والبطن بالهواء، ثم اقبض على الهواء لفترة وجيزة، ثم أخرجه عن طريق الفم (الزفير)، وقبله الشهيق، ويفضل أن يكون عن طريق الأنف.

كرر هذا التمرين عدة مرات بواقع مرتين في اليوم، ولابد أن تكون متأمِّلاً وتفكر في أنك مسترخيّاً، أي انقل نفسك النقلة النفسية الضرورية، مع إجراء هذه التمارين، تمارين الرياضة بصفة عامة أيضاً تفيد.

من أكثر الأدوية التي بحثت ووجد أنها مفيدة بالفعل هو عقار سبراليكس، الذي ساعد كثيراً في علاج هذه الحالة، وأنت الآن تتناول السبراليكس بجرعة 10 مليجرام، كما أنك تتناول الأنفرانيل – وهو دواء مساعد – وإن كنت تتناوله بجرعة صغيرة، أما الموتيفال فهو أيضاً مدعم ويساعد في علاج القلق والتوتر بصفة عامة.

إذن استمر على نفس الأدوية، ولا مانع إذا رفعت السبراليكس إلى 20 مليجرام في اليوم، بالرغم من أنه لم يفد في المرة الأولى، ولكن الحمد لله في هذه المرة أفادك، وربما يكون التدعيم الذي حدث من الأنفرانيل والموتيفال المساعدة في هذه الفائدة والتحسن، ولكن الدراسات تشير أن جرعة 20 مليجرام من السبراليكس هي الجرعة الصحيحة.

أعتقد أنك في حاجة للدواء لمدة لا تقل عن تسعة أشهر، ثم بعدها يمكنك أن تبدأ في تخفيضه، وأنا متفائل جدّاً أن هذه النوبات سوف تنتهي تماماً.

فعليك إذن بتمارين الاسترخاء والتمارين الرياضية، وكذلك مواصلة العلاج، وبما أنها مرتبطة بالأكل فبالطبع أنصح بتقليل كمية الطعام التي تتناوله في الوجبة، ويا حبذا ألا تنام بعد الأكل مباشرة.

وأهم شيء هو ألا تكون مشغولاً بهذه الحالة، فأنا أتفق معك أنها مزعجة، ولكن صدقني ليست خطيرة مطلقاً، والأدوية التي تتناولها هي أدوية صحيحة جدّاً، ولا يوجد دواء أفضل من السبراليكس.

الزيروكسات أيضاً عقار يفيد، والزولفت يفيد، وحتى التفرانيل وهو من الأدوية القديمة والمفيدة، ولكنك تتناول مجموعة الأدوية الصحيحة جدّاً، وقد شعرت بالتحسن.

كن متفائلاً وأنا على ثقة أن هذه النوبات سوف تنتهي، وحتى إذا انتابك شيء بسيط منها يجب أن تجري حواراً داخلياً مع نفسك أن هذه الحالة بسيطة وليست خطيرة وسوف تنتهي.

هنالك بعض الناس يحتاج أن يأخذ العقار المعروف جدّاً (زاناكس)، بعض المرضى يحتفظ بهذا العقار حين ينتابه الحالة، يمكن أن تضعه تحت اللسان وتمتصه وسوف يقضي عليها، يعاب على الزاناكس أنه ربما يؤدي إلى الشعور بالنعاس أو الكسل لدى بعض الناس، كما أنه لا ينصح با ستعماله، حيث أنه ربما يؤدي إلى نوع من التعود والإدمان، إذن حالتك سوف تنتهي.

أود أن أقول لك شيئاً أخيراً: عليك أن تكون مواجهاً من الناحية الاجتماعية، لا تتهيب أي موقف اجتماعي، أو شيء تريد القيام به قم به؛ لأن التجنب والابتعاد وعدم المواجهة أيضاً ربما يزيد من أعراض نوبات الهرع والفزع.

اطمئن وهذه الحالة معروفة جدّاً وتنتهي أيضاً مع العمر، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والمعافاة.

وبالله التوفيق.

Related Posts

1 of 71