السؤال
السلام عليكم
عمري 20 سنة، طالبة، أتساءل: كيف تدرس البنات، هل هن ذكيات بسبب الراحة والأكل الطيب، وهو غير متوفر لدينا، أم بسبب الوراثة والذكاء وهو غير متوفر، أم بسبب التوفيق من رب العالمين وهو غير متوفر لدينا بسبب والدي الذي يدعو علينا طوال الوقت، ونحن نغضب أمي وأبي ونعصيهما، وذلك بسبب سوء التربية والمعاملة والظروف والبيئة؟
كيف أنظم وقتي لأعطي كل شيء حقه من دراستي، والعمل في المنزل، والصلاة والقرآن والأذكار؟ كيف أدرس بسرعة وأحفظ ولا أنسى؟ كيف أتقرب إلى الله وأثق به وأؤمن بأنه لن يصيبني إلا ما كتب لي؟
أريد طريقة أتخلص بها من الذكريات الماضية، ولو عن طريق التخدير، كيف لي أن أنسى الماضي بلا أي أدوية، أو الذهاب لطبيب؟ حقا أفتقد نفسي، وأريد أن أكون أفضل من نفسي القديمة، فهل يوجد شيء أقنع به نفسي وأنسى ما مضى؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة-، ونسأل الله أن يبارك في عمرك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
أختنا الكريمة:
1- الذكاء مودع في كل إنسان بنسب متقاربة، لكن ينميه المرء أو يضعفه بالمتابعة والاجتهاد والتركيز، فليس هناك ضابط يفيد أن النساء أكثر ذكاء أو العكس، بل هي فروقات فردية وملكات عقلية لا تخضع للذكورة أو الأنوثة بشكل عام.
2- بالطبع التوفيق من أهم الأسباب الكفيلة بتنمية تلك القدرات، لكن التوفيق له أسبابه، ولله في الكون سنن لا تتخلف، فمن اجتهد وبذل أقصى ما عنده، يوفقه الله لما بذل جهده فيه، ولو كان غير مسلم، ومن تقاعس عن الواجب الذي عليه، لا يحظى بمراده، ولو كان مسلما، تلك سنة الله الجارية.
3- دعاء الوالد على ولده مستجاب، وينبغي عليك الاهتمام بترضية والديك، والاجتهاد في عدم إغضابهما، وإن حدث أن وقع ما يسوء، فبادري بالاعتذار فورا، واعلمي أن لسان الوالد يدعو وقلبه لا يؤمّن، من داخله يستغفر ولا يريد الشر لولده، والله عز وجل يعامله بمقصود قلبه لا بفلتات لسانه، فلا تقلقي مما مضى من دعاء، واجتهدي أن تصلحي ما بقي.
4- الدراسة وعدم النسيان تحتاج إلى قواعد نجملها في النقاط التالية:
– الابتعاد عن المعاصي، فإن المعصية أول داء يصيب العقل ويضعف النفس، فإذا حدث وزلت القدم فالبدار بالتوبة إلى الله عز وجل.
– وضع برنامج للمذاكرة يجمع بين التوازن بين الحاجيات الضرورية والمذاكرة المعتدلة، بمعنى أن لا تطغى المذاكرة على ما يجب عليك القيام به في بيتك، ولا تهمَّش المذاكرة بحيث تكون ثانوية، لا، ضعي وقتا محددا تجمعين فيه بين الاثنين.
– ابدئي مذاكرتك بالوضوء، فإن هذا أعون لك.
– كرري المعلومة التي تودين حفظها 10 مرات، ثم اكتبيها 10 مرات، ثم اذهبي لغيرها.
– عدم البدء في حفظ نص جديد، قبل التأكد تمامًا من حفظ النص القديم.
– بعد حفظ النصين كرري تسميعهما معا، ثم انتقلي للثالث، وبعد حفظه كرري الثلاثة معا، وهكذا.
– من المهم جدا تطبيق نظام التعلم السمعي والبصري، والذي يعتمد على الكتابة حتى ثبات المعلومة في الذهن، والقراءة بصوت عال.
– عدم وجود ما يشغلك أثناء الحفظ كالتلفون أو التلفزيون أو ما شابههما.
– مراعاة الأولويات في جدول المذاكرة، حيث يتم مذاكرة المادة الأسهل ثم الأصعب، حيث أن البدء بالسهل يمنح الشعور بالتفاؤل والرغبة في الاستكمال.
– عدم القراءة أثناء التعب، وعدم الاستمرار أثناء غلبة النعاس.
– إذا اجتهدت في فهم أو حفظ نص، ولم تستطيعي فهمه أو حفظه، اتركيه وضعي عليه علامة، ويمكنك تسجيله والاستماع إليه أكثر من مرة.
بهذه الطريقة -أختنا الكريمة- تستطيعين تحصيل ما عليك، ومع الإكثار من الدعاء والالتزام بالصلوات والأذكار ستجدين الخير -إن شاء الله-.
5- الذكريات الأليمة موجودة -أختنا- عند كل إنسان، وكل من ابتلي بشيء يظن أنه أشد الناس بلاء، وأكثرهم ألما، ولو اطلع على غيره لعلم أنه منعم عليه، وحتى تتجاوزي هذه الذكريات عليك بما يلي:
– احتساب الأجر على البلاء.
– النظر في الناس الأكثر ابتلاء منك.
– تضخيم كل أمر حسن في حياتك، ولو كان قليلا.
– الإكثار من قراءة أحوال السلف، وخاصة المبتلين منهم وكيف صبرهم.
– القراءة حول الجنة، وما ينتظر المسلم من نعيم.
كل هذه محفزات جيدة لتجاوز ما أنت فيه.
ونسأل الله أن يوفقك، وأن يحفظك، وأن يسعدك، والله ولي التوفيق.