السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوجة منذ 5 أشهر، وعمري 22 سنة، قررت ألا أترك صلاتي مهما حدث لي، وألتزم بها، فأنا أصلي فترة وأظن أنني لن أتركها ثم أبتعد عنها فترة طويلة، وعندما أتركها أعاني نفسيا وضميري يؤنبني، لو أعلم أن هناك دواء يجعلني أصلي ليل نهار ولا أترك صلاتي إلى أن تفارق روحي جسدي لفعلت، فكيف أوظب على صلاتي وألتزم بها ولا أتركها أبدا؟ فأنا أخاف من الله، كيف سأقف بين يديه وأنا مقصرة في صلاتي!
وأيضا قررت أن أحفظ القرآن الكريم عن طريق مواقع اليوتيوب بالتجويد والتفسير، وسوف أجعل ذلك الهدف أمام عيني مهما يطول بي الوقت.
وأتمنى أن ألبس النقاب، ولكن أخاف من زوجي لأنني قلت له قبل زواجي إذا أردت ارتداء النقاب هل ستمنعني؟ فكان جوابه: نعم بسبب ما يقال الآن على أي واحدة تلبس النقاب، وقال لي: الحشمة هي ارتداء الملابس الواسعة، فماذا أفعل مع زوجي؟
وكيف أنصحه بالالتزام بالصلاة؟ خصوصا أنني تناقشت معه في هذا الموضوع أكثر من مرة، ولكنه كان لا يكترث لأمري، وتتعب نفسيتي، ويمكن أن تحصل مشكلة بيننا، وهل هناك حديث صحيح لارتداء النقاب؟ وهل زوجات الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانوا من المتنقبات أم لا؟
وما نصيحتكم لي لحفظ كتاب الله وأكون من عباده الله المتقين؟ وهل سأحاسب على ما فاتني من الصلوات؟ فأنا حاولت أن أحسبها بالآلة الحاسبة فوجدتها كثيرة، ولا أستطيع أن أقضيها، فعندما أدخل الجنة سوف أدخل برحمة الله ليس بعبادتي، ولكنني قررت أن ألتزم والنية من القلب قبل الفعل.
وشكرا لكم، وجزاك الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ينفس ما تعسر على البشر تنفيسه، وأن ييسر بقدرته ما كان عسيرا على خلقه، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه.
وأما بخصوص ما تفضلت به فإنا نحب أن نقسم سؤالك إلى فقرات للرد على كل فقرة:
السؤال الأول: الكسل في الصلاة أسبابه وعلاجه؟
السؤال الثاني: حكم النقاب؟ وهل ارتدت أمهات المؤمنين النقاب؟ وطريقة التعامل مع الزوج المعترض؟
السؤال الثالث: كيفية التعامل مع الصلاة الفائتة منذ البلوغ وحتى اليوم؟
وإجابة السؤال الأول:
أولا: بالنسبة للتكاسل في الصلاة –لك ولزوجك- فمن رحمة الله بنا -أختنا الكريمة- أنه لا توجد مشكلةٌ في الحياةِ إلا ولها أسبابٌ دافعة، ومن ثم علاجات نافعة، وعلينا إذا أردنا أن نعالج أي ظاهرة سلبية أن نعرف أسبابها أولا، فقد ذكر المختصون أنَّ معرفةَ الأسبابِ نصف العلاج، وأنَّ البحثَ عن العلاجات الطارئةِ لا يزيلُ المشكلة، وإنَّما قد يسكنُ أعراضها ولكن لفترةٍ قصيرة.
ثانيا: لا يخفاك أختنا أن الكسل عن الصلاة ليس من صفة أهل الإيمان والصلاح، بل هو أقرب ما يكون إلي أهل النفاق عافاك الله ووقاك قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى).
ثالثا: سنذكر لك بعض الأسباب التي تحول بين العبد والصلاة ونرجو أن تعرضي هذه الأسباب على نفسك وزوجك، فإذا وجدت أحد تلك الأسباب فعليك بالاجتهاد في إزالتها:
1- الوقوع في المعاصي والانخراط فيها، وهي تبدأ بالكبائر وتنتهي بالصغائر (كالشرك بالله وعقوق الوالدين، وأكل المال الحرام، والربا وغير ذلك) قال تعالى: (وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)، فإذا لم يكن فلا تحتقرين صغائر الذنوب فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه).
2- الإسراف في المباحات؛ لأنه يعوِّد النفس على الراحة والكسل والخمول، وبالتالي ترك الطاعات أو عدم فعلها بالشكل والكيفية المطلوبة، فينشأ في النفس حبٌّ لهذه المباحات واستثقالٌ للطاعات وعدم صبرٍ على أدائها، يقول المولى عز وجل: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنّه لا يحب المسرفين).
3- صحبة أصحاب المعاصي أو المسرفين في تعاطي المباحات؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل )، فمتى ما صاحبت أهل المعصية فإما أن تقع معهم فيها، وإما أن تراهم يفعلونها ولا تنكر عليهم؛ وكلاهما منكرٌ ويؤدي إلى الفتور.
4- ضعف التفكير في الموت، وعدم تذكُّر الموت وأمور الآخرة؛ وذلك لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إني نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإن فيها عبرة) رواه أحمد، وفى رواية: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا القبور فإنها تزهّد في الدنيا وتذكّر الآخرة) فتذكّر الموت والآخرة يجعل الإنسان دائمًا في شعورٍ حيٍ، واتصالٍ وثيقٍ بالله؛ لأنه يستقر في وجدانه أنه مهما طال عليه العمر فإنه ملاق ربه عز وجل، وعدم تذكّر الموت والآخرة يؤدّي إلى نسيان الهدف من الحياة، وبالتالي إلى الفتور والكسل والدعة.
هذه هي أهم الأسباب باختصار ونرجو منك عرض هذه الأسباب عليك والتفكير فيها جيدا.
وحتى نحافظ على الصلاة؛ عليك ما يلي أختنا الكريمة:
1- اجتهدي أن تبدئي الصلاة بشحن النفس جيدا، مستحضرة الآيات، والأحاديث التي تقوي عزمك وتعينك على الأداء خاشعة لله محتسبة، ومن تلك الآيات:
– (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين).
– (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين).
– (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين).
– (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا).
– (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون).
– قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟) قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: (فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا).
– وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر).
– وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) اكتبي هذه الأحاديث ومن قبلها الآيات في ورقة أو علقيها على الحائط أمامك، وداومي النظر إليها.
2- استحضري نعيم أهل الجنة وجحيم العصاة من أهل النار كلما دعتك نفسك إلى التكاسل.
3- احرصي على أن تقرئي في سير أهل العلم والصلاح، وكيف عبادتهم لله، خذي كتاب علو الهمة وكتاب: الإيمان أولا فكيف نبدأ به، وكتاب سير أعلام النبلاء للذهبي، وكتاب رهبان الليل لحسين عفاني، هذه الكتب ستفتح لك آفاقا رحبة وتحبب إليك الصلاة.
4- اعلمي أختنا أنه لا عقوبة إلا بذنب، فأكثري من الاستغفار والتسبيح والذكر، فإن هذه من أعمال اللسان التي لا تتطلّب وقتًا مخصصًا لها، ولكنها تفيد في صفاء القلب وخلوه من المعاصي والذنوب، فيمكن الإكثار منها في المواصلات، وقبل النوم وفي كل حال.
رابعا: افرضي على نفسك عقوبة إيجابية (كالصدقة والصيام) لكل فرض تكاسلت عنه، المهم أن تكون عقوبة رادعة ومتحملة، فلا ترهقي نفسك بعقوبة تقسم الظهر، ولا تجعلها هينة تعتادي عليها.
خامسا: احرصي على الصحبة الصالحة، فإن المرء بإخوانه وإخوانه بدونه، وقد قالوا: الصاحب ساحب.
إجابة السؤال الثاني:
أما حكم النقاب فقد اختلف العلماء فيه على قولين: مذهب الإمام أحمد والصحيح من مذهب الشافعي أنه يجب على المرأة ستر وجهها وكفيها أمام الرجال الأجانب، لأن الوجه والكفين عورة بالنسبة للنظر، ومذهب أبي حنيفة ومالك أن التغطية غير وجبة، بل مستحبة.
وأما لباس أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد كان الحجاب الكامل الذي يغطي كل البدن، امتثالا لأمر الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ)، وقال الإمام الطبري رحمه الله تعالى: أمر الله تعالى نساء المؤمنين إذا خرجن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة.
وأما زوجك: فإننا ننصحك بالحديث إليه كلما دعت الحاجة والاجتهاد في إقناعه حتى يشرح الله صدره .
إجابة السؤال الثالث:
بالنسبة للصلوات التي تركتيها بعد البلوغ فأنت محاسبة عليها -أختنا الكريمة-، وقد ذكرت أنها كثيرة جدا، وإننا ننصحك بما يلي:
1- التوبة الصادقة.
2- جمع صلاة ماضية بجوار فريضة حاضرة، فإذا كنت تصلين الظهر فصلي ظهرا آخر مما مضى.
3- الإكثار من النوافل.
ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله المستعان.