السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي عدة استفسارات حول حياتي، وهي:
– لماذا عندما أرى أمامي أشخاصاً في الشارع أعتقد أنهم يتكلمون عني؟
– أريد أن أصلح حياتي، فأنا لا أصلي، وكثير النسيان، وهل للعادة السرية علاقة بذلك؟ وخصوصاً أني أكثر منها؛ لأني موظف في قطاع حكومي، ويوجد في المكان كثير من النساء اللاتي يعملن حركات تلفت نظري، ولكن مع ذلك أريد أن أصحح حياتي من كل جوانبها، كيف؟ لا أعلم!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
فإن شعورك بأن حياتك تحتاج إلى تصحيح دليل على أن في نفسك بذرة خير، أرجو أن تحرص على تنميتها، واعلم أن الذي يصلح ما بينه وبين الله يصلح الله ما بينه وبين الناس، ويبدل خوفه أمناً، وشقاءه سعادةً.
ولاشك أن محافظتك على الصلاة هي أولى خطوات الفلاح؛ فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي العلامة الفارقة بين أهل الإيمان وأهل الكفر والفسوق والعصيان، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وقد قال قوم شعيب لنبيهم: ((أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا))[هود:87]، قال ابن عباس: “إي والله تأمره وتنهاه”، وإذا واظب المسلم على الصلاة فإنه سوف يشاهد معاشر الأخيار، ويتلو كتاب الرحمن، ويضيق مداخل الشيطان، ويتذوق حلاوة الإيمان.
ولاشك أن العلاقة وثيقة جداً بين المعاصي والوساوس، وخاصةً خطيئة العادة السرية التي تحدث بتزيين الشيطان، ولقبحها فإن صاحبها يختفي عند فعلها من الناس، والشيطان مع الواحد، وهو من الجماعة أبعد، وإذا فرغ العاصي من ممارسة هذه العادة أدخل عليه الشيطان الحزن والضيق، وسيطر عليه بوساوسه حتى يخيل له أن الناس يعرفون ما فعل من وجهه، وأنهم يتحدثون عنه ويتكلمون في شأنه، وعند ذلك يهرب الإنسان من المجتمع وينطوي على نفسه، ويعيش الهم والغم، ويعاني من تأنيب الضمير، وتفقد الجوارح قدرتها وقوتها فيتعرض للنسيان، ويتأثر بصره وسائر أعضاء الجسم بفعل العادة السرية التي ثبت للأطباء أضرارها الصحية والنفسية والعصبية، حتى قال الأطباء: إنها تؤثر على جميع أعضاء البدن، وهي مع ذلك لا توصل إلى الإشباع؛ لأنها تصريف منحرف للشهوة، والأخطر من كل ذلك هو أنها معصية لله (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63].
ومما يعينك على ترك هذه الممارسة الخاطئة ما يلي:-
1- الخوف من الله الذي لا تخفى عليه خافية، ومراقبته في السر والعلن.
2- كثرة الدعاء واللجوء إلى الله بصدق من أجل أن يخلصك مما أنت فيه.
3- الابتعاد عن المثيرات، والبحث عن عمل تبتعد فيه عن النساء.
4- المسارعة بدخول قفص الحياة الزوجية، وإلا فعليك بالصوم فإنه وجاء.
5- تجنب الوحدة، والابتعاد عن الوجبات الدسمة، وممارسة الرياضة، وتسخير هذه الطاقات في الخير.
6- عدم المجيء للفراش إلا عند الحاجة للنوم، وعدم التأخر في الفراش بعد الاستيقاظ من النوم.
7- معرفة أضرار العادة في الدين والدنيا، وقد يفشل صاحبها في حياته الزوجية، ويصاب بالأمراض الفاتكة.
8- عليك بغض البصر، وقد قال الشاعر:
كل الحوادث مبداها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر
وإذا حفظ الإنسان جوارحه بالطاعة حفظها الله له من الضعف والتلف، كما قال قائل السلف، وقد وثب من مكان عال فتعجب الناس، فقال لهم: “إنها جوارح حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر”، ونوصيك وأنفسنا بخاتمة سورة النحل: ((إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ))[النحل:128]، فعليك بتقوى الله والإحسان.
والله ولي التوفيق والسداد.