الجلطة القلبية ( أحتشاء العضلة القلبية )
مرض شائع جداً في الغرب ، يصيب سنوياً حوالي 1.5 مليون شخص في أمريكا ، وللأسف فإنه آخذ بالأنتشار في بلادنا العربية يوماً بعد يوم . وأهم عوامل الخطورة المهيئة لحدوث مرض شرايين القلب التاجية هى التدخين ، وأرتفاع كولسترول الدم ، وأرتفاع ضغط الدم ومرض السكر ، وقلة النشاط البدني ، والبدانة ، والتعرض للضغوط النفسية .
وتحدث الجلطة القلبية حينما يُسد أحد الشرايين التاجية في القلب بخثرة ( جلطة ) فلا تسمح للدم بالمرور عبره ، وهذا يؤدي إلى تلف جزء من عضلة القلب كان يُغذى بهذا الشريان . ويعتمد حجم الجلطة القلبية على مكان حدوث الإنسداد في الشريان ، فإذا كان الإنسداد قرب نهاية الشريان ، أو في أحد الشرايين الصغيرة ، كانت الإصابة القلبية طفيفة ، أما إذا كان حدوث الأنسداد قريباً من منشأ الشريان التاجي فقد يكون التلف الناجم عن هذا الأنسداد خطيراً .
- كيف نشخص جلطة القلب ؟
يشكو المريض المصاب بجلطة القلب من ألم شديد جداً في منتصف الصدر ، وينتشر هذا الألم عادة إلى الذراع الأيسر ، وقد ينتشر إلى الفك أو الظهر ، وقد يترافق بغثيان أو ضيق نفس أو إغماء ، كما أن المريض يبدو غالباً شاحباً ومتعرقاً . ويحتاج تشخيص هذه الحالة إلى توثيق بواسطة تخطيط القلب الكهربي ، وإجراء معايرة أنزيمات القلب في الدم .
- العناية المركزة :
يجب التأكيد على ضرورة نقل المريض المشتبه بإصابته بجلطة في القلب إلى المستشفى ، ومن ثم إلى العناية القلبية المركزة بأسرع وقت ممكن . فكل دقيقة لها حسابها عند مريض الجلطة القلبية . وخطورة جلطة القلب تكون على أشدها في الساعات الأولى من بدء الألم الصدري ، كما أن وصول المريض إلى المستشفى بسرعة ، يزيد من فرص فعالية الدواء الحديث المذيب لجلطة القلب (Thrombolytic Drug) مثل الستريبتو كاينيز وأمثاله . ومن المعروف أن الفائدة المرجوة من أستعمال هذا الدواء تكون على أشدها في الساعات الأولى من بداية ألم الجلطة القلبية .
وتشمل الأدوية التي قد تستخدم في علاج مريض الجلطة القلبية : المسكنات القوية كالمورفين ، وحاصرات بيتا ، والأسبرين ، ومركبات النيترات ، والهيبارين ( دواء مسيل للدم ) . وإذا أصيب المريض بفشل القلب فقد يعطى المدرات البولية والديجوكسين أو مضادات آيس .
ويتمكن معظم المرضى من الجلوس على كرسي بجوار السرير في اليوم الثاني أو الثالث وقد ينتقل المريض من العناية المركزة إلى جناح المرضى في اليوم الثالث أو الرابع إذا لم تكن هناك أية أختلاطات أو مضاعفات .
- خارج العناية المركزة :
يحتاج مريض الجلطة القلبية الى المكوث في جناح عادي في المستشفى في اليوم الثامن أو التاسع لبضعة أيام أخرى ، يتمكن خلالها من أسترداد قوته البدنية تدريجياً ، ويستطيع المريض في اليوم الخامس عادة ( إذا لم تحدث أية أختلاطات ) التحرك بحرية في الجناح
وقد يجري أختبار محدود للجهد قبل خروج المريض من المستشفى في اليوم الثامن أو التاسع ، فإذا لم يستطع المريض إكمال هذا الأختبار ، أو حدث ألم في الصدر ، وجب التفكير بإجراء فحوص أخرى قد تشمل القسطرة القلبية لمعرفة وضع الشرايين التاجية . أما إذا أجرى المريض الأختبار بنجاح عظيم ، فإن التوقعات المستقبلية للحالة تكون جيدة جداً .
- الخروج من المستشفى :
يخرج مريض الجلطة القلبية من المستشفى عادة مابين اليوم السابع والعاشر ( إذا لم تترافق جلطة القلب بأية مضاعفات ) ، وقد يمكث فترة أطول من ذلك عند حدوث مضاعفات .
ويعطى المريض عند خروجة من المستشفى دواءين أو أكثر . وقد أصبح أستعمال حبوب الأسبرين ، وحــاصـرات بيتــا ( كالانـدرال أو التنورمين ) ومضـادات آيـس ( كالكابتوبريل ) أمراً روتينياً عند مرضى الجلطة ( مالم تكن هناك محاذير تمنع أستعمالها ) . وقد يحتاج المريض إلى أدوية أخرى في بعض الحالات . وينبغي إعطاء المريض نصائح محددة بشأن زيادة نشاطه البدني وحركته تدريجياً ، وضرورة التوقف عن التدخين وأختيار الغذاء السليم .
- ماذا بعد جلطة القلب :
هناك عدد من الإجراءات التي ينبغي أن يتخذها مريض الجلطة القلبية ، فالإقلاع عن التدخين أمر حتمي ، والتدرج في العودة إلى الحياة الطبيعية أمر أساسي ، وضرورة تناول غذاء صحي أمر حكيم . ولحسن الحظ ، فإن معظم المرضى يتماثلون للشفاء بصورة جيدة . وفيما يلي الإرشادات العامة التي يجب أن يحرص عليها المريض :
1- الرياضة البدنية :
من الواجب على الطبيب أن يعطي مريض الجلطة القلبية نصائح محددة فيما يتعلق بكمية النشاط البدني الذي يمكن للمريض أن يمارسه ومتى يفعل ذلك وطريقة التكييف مع الحالة الصحية ونمط الحياة والتغيرات الجديدة .
وبشكل عام ، يستطيع المريض السير بحرية في جناح المرضى قبل خروجه من المستشفى ، وينصح المريض بألا يزيد نشاطه في اليومين الأولين لخروجة من البيت على ماكان عليه في المستشفى . وينبغي التدرج في زيادة حركة المريض . وأنا أضرب مثلاً لمرضاي فأقول لهم : إذا بدأتم السير مسافة 100 متر بعد الخروج من المستشفى ، فينبغي ألا يزداد ذلك في اليوم التالي إلى 2 كم ، بل يزداد مثلاً إلى 150 متراً ، وفي اليوم الذي يليه 200 متراً وهكذا وما أن تمضي 4 أسابيع على خروج المريض من المستشفى ، حتى يستطيع عادة أن يمشي 1-2 كم ( شريطة ألا يصاحب ذلك ألم في الصدر أو ضيق في التنفس ) .
ويجب على المريض أن يضع علبة حبوب النيتروغليسرين ( تلك التي توضع تحت اللسان ) في جيبه أينما كان ، كما ينبغي التريث في العودة إلى النشاط البدني الطبيعي إذا ترافق ذلك آلام في الصدر أو ضيق في التنفس .
ويحظر على مريض الجلطة القلبية العودة إلى ممارسة أنواع الرياضة العنيفة كالسكواش والتنس الأرضي وحمل الأثقال وماشابهها ، أما الرياضات المناسبة كالسباحة وركوب الدراجة والمشي فهي من الأنواع المستحبة . ومرة أخرى يجب التأكيد على ضرورة التدرج في أي نشاط بدني .
2- النشاط الجنسي :
تعد هذه المسألة إحدى المسائل التي تشغل بال العديد من مرضى الجلطة القلبية . وفي الواقع يمكن العودة إلى ممارسة المعاشرة الجنسية بعد 4-6 أسابيع من حدوث الجلطة ، شريطة أن يكون المريض قد تماثل للشفاء بشكل طبيعي ولا يشكي من آلام بالصدر أو ضيق بالتنفس .
وقد يشكو بعض الرجال من العنة ( العجز الجنسي ) ، وسبب ذلك في أغلب الحالات هو القلق أو الهمود النفسي ، ولكن ذلك يزول بسرعة عند طمأنة المريض ، وقد يكون سبب العنه هو أستعمال الأدوية كحاصرات بيتا ( مثل الأندرال أو التنورمين وغيرهما ) أو المدرات البولية .
ويجب ألا يتردد المريض في ذكر تلك المشكلة للطبيب ، فهو قادر على مساعدته في معظم الحالات.
3- التدخين :
يجب الإقلاع عن التدخين نهائياً ، ويشمل ذلك تدخين الشيشة والسيغار والبايب . وقد أكدت الدراسات العلمية أن أفضل إجراء يمكن لمريض جلطة القلب أن يتخذه ليحمي قلبه في المستقبل هو التوقف عن التدخين .
4- الغذاء :
خصائص العلاج الغذائي :
تقديم أغذية طرية سهلة المضغ والبلع والهضم ناضجة ، خالية من البهارات والتوابل الحارة .
تجنب الدهون وتناول الغذاء منخفض الكولسترول .
تجنب الأكل المقلي .
تقديم الفواكه والخضروات الغضة تامة النضج .
يمنع تناول الأطعمة والمشروبات الغنية بالكافين والتيوفلين مثل الكاكاو ومنتجاته ، القهوة والشاي ومشروبات الكولا .
تجنب الأطعمة القاسية والمنتجه للغازات .
يعطى المريض عند حدوث مضاعفات لإحتشاء القلب مع العلاج الدوائي نظام غذائي محدود من الصوديوم ولقد أنخفضت نسبة الوفيات بين المصابين بالإحتشاء القلبي في الدول الغربية التي أعطت التوعية الغذائية والمعالجة الغذائية أهمية الى نسب متدنية بينما أتجهت نسبة الوفيات في الدول التي أهملت الجانب الوقائي وركزت على الجانب العلاجي فقط .
هذ وبعد تخطي المريض المرحلة الصحية الحرجة يجب التخطيط لتخفيف الوزن الزائد وأتباع نظام غذائي حكيم . وإليك الوصايا العشر للمصابين بأرتفاع دهون الدم والكولسترول :
الأبتعاد عن السمن الحيواني والبلدي والزبدة والكريمة والقشدة ، ويسمح بأستعمال السمن المصنوع من زيت الذرة والمازولا في الطبخ .
يفضل أستخدام زيت الزيتون أو زيت الذرة أو زيت دوار الشمس في طهي الطعام أو مضافاً للسلطات .
أفضل أنواع اللحوم السمك والدجاج بدون جلد ، وينصح بالأقلال من اللحوم بشكل عام وتجنب الدهون في اللحوم ، ويفضل أكل اللحم مشوياً أو مسلوقاً ( وليس مقلياً ) ، وينصح بتجنب الأطعمة المقلية بشكل عام .
الأبتعاد عن صفار البيض والجمبري والأستاكوزة والمخ والكبد والكلاوي ، ويسمح ببيضة واحدة أو بيضتين في الأسبوع ، أما بياض البيض فمسموح به.
ينصح بالأعتدال في تناول الحليب أو اللبن قليل الدسم والجبن قليل الدسم . أما الحليب المقشور ( skimmed milk ) والجبن منزوع الدسم ، فيمكن تناولها دون قيود .
ينصح بتجنب الحلويات العربية والكنافة والبقلاوة والكاتو ( الكيك ) والتورتات والحلويات الأفرنجية والشوكولاته والآيس كريم والكريمات .
ينصح بالقليل من المكسرات( peanuts ) مثل الفول السوداني والفستق والبندق لأنها تحتوي على زيوت غير ضارة ، ولكنها غنية جداً بالسعرات الحرارية .
ينصح بتناول الخبز الأسمر ( ولو كان رقيقاً ) ، والإكثار من الخضار والفواكه والأعتماد على النشويات مثل البطاطس والقمح ( الجريش والفريك ) والمعكرونة بدلاً من الإعتماد على الدهون .
ينصح بممارسة رياضة المشي السريع لمدة 20-30 دقيقة يومياً أو 3-4 مرات أسبوعياً على الأقل ، وذلك بعد أستشارة طبيب القلب .
ينصح بتخفيف الوزن والوصول إلى الوزن المثالي قدر الإمكان .
5- الضغوط النفسية :
من المهم جداً أن يقدر الطبيب والأهل والأصدقاء وضع المريض النفسي بعد أصابته بجلطة القلب ، وطمأنة المريض بأنه سيعود بأذن الله إلى وضعه الطبيعي أمر أساسي ، وينصح المريض بتجنب الضغوط النفسية التي كان يتعرض لها من قبل قدر المستطاع .
6- العودة إلى العمل :
يستطيع معظم المرضى الذين أصيبوا بجلطة في القلب العودة إلى عمل خفيف بعد حوالي شهرين من الإصابة ، أما الأعمال التي تتطلب جهداً أكثر فيمكن العودة إليها بعد نحو ثلاثة أشهر بشرط ألا يعاني من آلام بالصدر أو ضيق بالتنفس . ولكن العودة إلى الأعمال المجهدة غير ممكنة في معظم الحالات .
7- قيادة السيارات :
يحظر على مريض الجلطة القلبية قيادة السيارة في الشهر الأول بعد الإصابة ، ويمكن للمريض الذي لايشكو من أية أعراض أن يعود إلى قيادة السيارة بعد ذلك .
وينبغي على الذي يشكو من ألم في الصدر أثناء القيادة تجنب قيادة السيارات ، ويحذر مرضى الجلطة القلبية من قيادة السيارات العمومية التي تحمل الركاب أو الباصات أو سيارات الشحن .
8- الطيران :
ينبغي على مرضى الجلطة القلبية تجنب السفر بالطائرة في الأسابيع الثلاثة أو الأربعة الأول على الأقل ، ومن الحكمة تأخير السفر لفترة أطول من ذلك .
وينبغي أستشارة الطبيب قبل السفر ، وأخبار شركة الطيران بوضع المريض ، حتى نتمكن من تسهيل إجراءات السفر ونقل المريض إلى المطار .
– وأخيراً ، يجب التأكيد على أن هذه الوصايا إنما هى إرشادات عامة ، وقد تختلف بأختلاف حالة المريض ، لذا يجب مراجعة الطبيب في كل الأحوال والألتزام بنصائحه وتعليماته .
دكتور اياد صلاح ابو شعيرة
استشارى امراض القلب
م.شهداء الاقصى