السؤال
السلام عليكم
أشكركم مقدما لأجوبتكم الرائعة، وأود استشارتكم في موضوع عملي، وبعد التوكل على الله تعالى واستخارته سأعتمد على نصيحتكم بإذن الله تعالى.
أنا ماجستير صيدلة سريرية، سأنهي دراستي بعد 6 أشهر بإذن الله تعالى، ويلزمني أن أعود بعدها إلى عملي في المستشفى.
أنا أعمل في مستشفى النساء والأطفال، وبدأت أفكر بجدية أن أقدم استقالة من الوظيفة للسبب الآتي:
أثناء ممارستي للوظيفة أشعر بأن إيماني يقل تدريجيا يوما بعد يوم، خاصة بعد حدوث المشاكل والغيبة في العمل، وأنا حافظة للقرآن الكريم والحمد لله، أحاول تجنب الغيبة والاختلاط بالرجال، ولكن طبيعة العمل تجبرني أحيانا، ويجب أن أتلقى اتصالات من المسؤولين يوميا، ويحدث أحيانا نقاش بأمور خارج نطاق العمل، أعرف أن هذا غير جائز، ولكن هذه طبيعة مجتمعنا، فعند استمراري بالعمل يبدأ حفظي للقرآن يتفلت، وأنسى كثيرا من الآيات.
أعترف أن عملي يفيد المجتمع النسائي خاصة بما يتعلق بطريقة استخدام الأدوية النسائية، أو الاستشارة الدوائية النسائية، لكني أفكر أن أترك الوظيفة؛ لأني أشعر بأنها تبعدني عن الله تعالى، ولأني وصلت لقناعة بأنه لا طريقة لترك التعامل مع الكادر الرجالي وترك الغيبة سوى الاستقالة.
أنا المعيلة الوحيدة لوالدتي، لأن إخواني مسافرون، وبإمكاني فتح صيدلية وأعرضها للإيجار لصيدلاني، وأستلم واردا شهريا ثابتا وأنا في البيت بإذن الله.
أنا مجازة برواية حفص، وأفكر بأن أعطي دروسا بأحكام التلاوة في مراكز التحفيظ بعد استقالتي، فطاقتي الجسدية لا تسمح لي بالتواصل مع دروس التجويد إذا بقيت موظفة بالمستشفى، وغرضي هو التقرب أكثر من الله تعالى، فلا أريد أن أموت وأنا نادمة، فهل تشجعوني على قرار الاستقالة؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك وردا على استشارتك أقول:
لا أنصحك بتقديم استقالتك من العمل، خاصة وأن عملك في الجملة في المجتمع النسوي، وعملك من العبادات التي تؤجرين عليها إن احتسبت الأجر في ذلك، فالنفع العام خير من النفع الخاص.
والذي أراه أن وظيفتك مهمة، والمطلوب منك أن تنظمي وقتك وتقلي من الاحتكاك بالرجال والتواصل معهم إلا في حدود احتياج العمل، واجتهدي في تقوية إيمانك في حال إن وجدت فراغا في العمل، وفي حال عودتك إلى المنزل؛ بتلاوة القرآن الكريم، وأداء بعض النوافل، وبإمكانك أن تلتقي يوميا ببعض زميلاتك الحافظات في بيتك أو بيتها تراجعن جزءا من القرآن الكريم، ويمكنك أن تقيمي درسا للنساء يوما في الأسبوع.
وأما ترك الغيبة فيتم بنصح من يغتاب أن هذه غيبة محرمة، أو أنك تنصرفين عن تلك المجالس، ومع الاستمرار بالنصح والتوجيه ستجدين أن المجتمع الذي حولك يتحاشى التحدث بالغيبة بحضرتك إن لم ينزجر ويترك الغيبة، فاستعيني بالله ولا تعجزي.
وأكثري من الدعاء والتضرع بين يدي الله تعالى، وسليه أن يعينك ويثبتك، وحافظي على أذكار اليوم والليلة، ومنها أذكار النوم، والتي من ضمنها وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لفاطمة حين أتته تسأله خادما يعينها في أعمالها فقال لها ولزوجها علي بن أبي طالب: (ألا أعلمكما خيراً مما سألتما إذا أخذتما مضاجعكما أن تكبرا الله أربعاً وثلاثين وتسبحاه ثلاثاً وثلاثين وتحمداه ثلاثاً وثلاثين فهو خير لكما من خادم)، قال علي -رضي الله تعالى- عنه: ما تركته منذ سمعته من النبي -صلى الله عليه وسلم- قيل له: ولا ليلة صفين؟ قال: (ولا ليلة صفين)، ولا تلجئي للحل الآخر الذي ذكرته في استشارتك إلا في حال أن رأيت أنك في تراجع دائم، فحينئذ يمكن أن يقال إن السلامة لا يعدلها شيء.
نسعد دوما بتواصلك، وأسأل الله لك التوفيق والإعانة.