السؤال
السلام عليكم
بالرغم من أني أحب القراءة، كما أني أقرأ في كتب مختلفة، لكني بدأت أشعر بالملل من القراءة، وكرهت القراءة؛ لأني أشعر أنني لا أستفيد شيئاً، ولا أتطور، حيث أنى غير ملم بأي مجال، أو بأي موضوع في أي مجال، فمثلاً إن حدثني أحد في مجال الدين عن فوائد غض البصر أجد نفسي ليس عندي إلا معلومة صغيرة قد أقولها، وقد لا أقولها، وهكذا في أي مجال آخر مثل الرياضة مثلاً، أو التنمية البشرية مثلاً.
في النهاية أجد نفسي غير بارع في شيء، أولست ملماً بهذا الشيء، أو الموضوع بأكمله، فأنا ينطبق علي المثل الذي يقول (من كل فيلم أغنية)، لكن الفيلم بأكمله لا أعرفه.
فهل أقرأ في موضوع واحد، وفي مجال واحد أيضاً طوال حياتي؛ حتى أكون ملما ًبه ويستحسن إن كان سيفيدني في وظيفتي؟ أم ماذا أفعل؟
دلوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -ابننا الكريم-، ونشكر لك هذا السؤال الرائع، ونؤكد لك أنك ما دمت تقرأ فإنك ستتطور، فالقراءة تطيل الأعمار، وقراءُ اليوم هم قادة الغد، ولكن هذه القراءة فعلاً تحتاج إلى بعض الترتيب والإنسان محتاج إلى أن يتعلم، ويقرأ فيما يصحح به عقيدته وعبادته وطاعته الله تبارك وتعالى، وتعامله مع الناس، ثم بعد ذلك يركز على المجال الذي يجد نفسه فيه، ثم بعد ذلك يأخذ من كل شيء بطرف، فالثقافة أن يأخذ الإنسان من كل شيء بطرف، والإنسان لا بد أن يلم بشيء من كل شيء، لكن يحدد مجالاً يتميز فيه، وحبذا لو كان المجال الذي تتميز فيه مجالاً يتناسب مع ميولك أولاً، يتناسب مع الوظيفة التي تعمل فيها، يتناسب مع الجانب الذي تجد نفسك ماهراً فيه حتى ينفع الله تبارك وتعالى بك.
لكننا نؤكد أن الذي يقرأ يتطور، والذي يقرأ يستفيد والمعلومات لا تظهر إلا عند السؤال، فهي تذهب في وعي الإنسان الباطني، وهي معلومات مختزنة تخرج عند السؤال، ولذلك كنا نتمنى أن نعرف المجال الذي تميل إليه، طبيعة العمل الذي تعمل فيه، المجال الذي تستطيع أن تنمي قدراتك فيه، ثم بعد ذلك نحولك إلى جهة مختصة تعرف قدراتك ومهاراتك لتبني على ما عندك حتى تصل -إن شاء الله- إلى ذري المجد، وينتفع الناس من علمك في هذا المجال المحدد، ولا تتوقف عن القراءة باعتبارها هوية، وباعتبار أن الأديب هو الذي يعرف الأشياء، ويكون عنده إلمام بكثير من الأمور، وثقافات الناس، هذه مهارات مهمة جداً للإنسان في حياته، ولكن ليس على حساب التطور الرأسي.
هناك تطور أفقي، وهناك تطور رأسي، وهو أن يتمكن الإنسان ــ جداًــ في مجال معين يدرس الدقائق، ويستطيع أن يقدم فيه ويفيد فيه، ثم بعد ذلك يأخذ جوانب أخرى يستطيع أن يتعايش بها مع الناس ويفيد بها كمفاتيح لشتى العلوم.
أما ترى أن النحل لما جنى من كل فاكهة *** حوى لنا جوهرين الشمع والعسلا
فالشمع نور ُيسْتَضاءٌ به *** والشهد يبرِئُ الأسقام والعللا
إنه العلم لا ينال كله، ولكن لا بد للإنسان أن يحسن اختيار ما يريد أن يتعلمه، وتحتاج في هذا المجال إلى خبير يعرف القدرات التي عندك ليبني عليها، أو تكتب لنا بتفاصيل ثقافتك، إلى أي مستوى دراسي وصلت؟ ما هوالمجال الذي كنت تدرس فيه؟ حتى نتعاون جميعاً في الصعود بمهارة القراءة المفيدة المبرمجة عندك.
ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.