السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب في ال 23 من العمر، ولله الحمد أخلاقي عالية، والتزامي أقل من المتوسط، أعيش حاليا مرحلة من التردد والقلق والخوف من ماضي سيء، ومستقبل مجهول.
أسأل نفسي 3 أسئلة بصورة مستمرة: من أنا؟ ما الذي أريده بالضبط؟ وما هو المستقبل؟
ووالله هذه الأسئلة تجعلني أعيش وكأنني لست بعايش؛ إذ إن جسدي يكون في المنزل أو مع الأصدقاء أو في الجامعة، ولكن روحي تتصارع مع هذه الأسئلة.
أتخيل المستقبل بصورة محددة، وأنني سأكون بالشكل الذي أريده، وسأحظى بالزوجة التي أتمناها، أرى مثلا شيئا ما، فأقول في نفسي: سأحظى بالشيء الفلاني في المستقبل، وزوجتي ستكون كذا.
في علاقاتي مع الفتيات مثلا: أتحاشاهن تماما، ولكنني أخشى في المستقبل ألا يكافئني الله بالزوجة التي أتمناها.
أصبر عن أشياء وأقول: سيرزقني الله إياها في المستقبل، ولكن المستقبل مجهول وغير مضمون، ومن يضمن أن تتم مكافئة صبري.
كيف أجيب على أسئلتي الثلاثة؟ وكيف أستطيع توقع المستقبل، أو تحويله إلى المستقبل الذي أتمناه؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك أيها الابن الكريم في الموقع، ونشكر لك هذه الأسئلة الرائعة، فأنت مسلم، وأنت صاحب مهمة، وأنت صاحب رسالة.
قد هيأوك لأمرٍ لو فطنتَ له *** فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
المستقبل بيد الله تبارك وتعالى، والماضي ينبغي أن يدفعك وتأخذ منه العبر والدروس، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، فأنت مسلم، وأنت صاحب رسالة، والمستقبل أمامك مفتوح ولله الحمد، فعليك أن تفعل الأسباب ثم تتوكل على الكريم الوهاب.
أعجبتنا فكرة الأسئلة، حتى يشعر الإنسان أن له هدفًا، فالمسلم خُلق لغاية {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، والله لم يخلقنا عبثًا ولن يتركنا سُدىً، ولذلك ينبغي أن تنصرف أولاً للطاعة، فأنت تقول: (تدين متوسط) نحن نريد تدينا مرتفعا، ونريد ثقة بالله تبارك وتعالى، ونريد توكلا على الله تبارك وتعالى بعد بذل الأسباب.
أعجبنا أنك تتحاشى الوقوف مع الفتيات، ونتمنى أن تثق بموعود الله، فإن من ترك شيئًا لله عوضه الله تبارك وتعالى خيرًا منه، والإسلام لا يرضى للشاب أن يتوسع في علاقاته مع الفتيات، ولكن إذا أراد الحلال فإن عليه أن يطرق الأبواب، ثم بعد ذلك يتوسع مع زوجته الحلال التي يبدأ معها المشوار بالطريقة التي تُرضي الله تبارك وتعالى.
نحب أن نؤكد لك أن هذا الدين يسر، وأن أبواب الأمل مفتوحة، وأنت ولله الحمد في ريعان الشباب، وكونك تسأل هذه الأسئلة في هذا العمر، هذا دليل على أنك – إن شاء الله تعالى – ستتميز؛ لأن كثير من الناس بكل أسف عاش وهو لا يدري من أين أتى؟ ولا إلى أين هو ذاهب؟ وما هي أهدافه في الحياة؟ فاجعل لنفسك أهدافًا في هذه الحياة، واعلم وتذكر الغاية التي خُلقت لأجلها، وحاول أن تفعل الأسباب، وحاول أن تُحسن التعامل مع حولك، ونتمنى أن تتفوق أكاديميًا، نتمنى أن تعمق علاقتك بوالديك وأسرتك؛ لأن مهارات التواصل هي مهارات النجاح، ثم عليك أن تثق أولاً وأخيرًا بالله تبارك وتعالى، وتعلم أن الكون ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله.
نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.