السؤال
بعد النجاح في الثانوية بمعدل ممتاز، حصلت على منحة مجانية كاملة للدراسة في كلية طب الأسنان في إحدى الجامعات الأهلية، والتي كانت تمثل أحد رغباتي، وبالفعل بدأت الدراسة هناك، ونجحت إلى المرحلة الثانية، وكنت مرتاحا جدا، والحمد لله خصوصا أنها كانت قريبة إلى منزلي.
ولكن للأسف تأتيني أوقات أشعر فيها أنني غير راض عن تخصصي إلا أنه سيطر علي هذا الشعور، لذلك في هذا العام قررت تغيير تخصصي والتوجه إلى كلية الطب.
وفي الوقت الحالي تم قبولي في كلية الطب، جامعة بغداد، وبدأت الدراسة فيها مقابل دفع رسوم دراسية 4.5 مليون دينار عراقي قابلة للزيادة في الأعوام القادمة في حين كنت أدرس طب الأسنان بدون دفع رسوم (منحة مجانية).
أشعر الآن أن قراري بترك كلية طب الأسنان لم يكن مدروسا بشكل جيد، ولم أفكر فيه بموضوعية، وكان قرارا متسرعا، وفيه نوع من عدم الرضا بقضاء الله وقدره، وكان الدافع في قراري هو كلام الناس، والآن أشعر بضيق كبير.
والآن أفكر بالرجوع إلى كليتي السابقة كلية طب الأسنان، وبدأت أتخذ خطوات في هذا الاتجاه.
أرجو أن تنصحوني بذلك، وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكركم لتواصلكم معنا وثقتكم بموقعنا.
قرار التخصص الأكاديمي يوجد عوامل عديدة تتحكم فيه، من ذلك طبيعة سوق العمل ومستقبل التخصص نفسه، ومن ذلك كلام الآخرين كالأصدقاء والأقران والأسرة، ولعل هذا الأمر هو الذي دفعك لتغيير تخصص الأسنان إلى الطب، ومن هذه العوامل، ومن أهمها هو الرغبة الشخصية والميول الأكاديمي، ونعني به تلك الرغبة الجامحة التي تسيطر عليك منذ سنين طويلة ولا زلت في سنوات الدراسة النظامية الثانوية وما قبلها، وهناك اختبارات شخصية تساعد في تحديد الميول والتخصص الأكاديمي مثل اختبار هولاند، واختبارات أخرى، ولكن قد يصل الشخص نفسه إلى قرار حاسم في موضوع الدراسة، وهذا شأن أكثر الطلاب في الجامعات، حيث إن الغالبية منهم لم تقم بإجراء اختبارات ميول أكاديمية، وإنما بناء على رغبات شخصية، لذلك إن كنت ترى أن قرارك كان متسرعا -بسبب تأثير المحيطين بك- فيمكنك التراجع عن هذا القرار واتخاذ المسار الأكاديمي الذي يلبي طموحك ورغبتك النفسية، ولا داعي للاستسلام لكلام الناس ورغباتهم، فرغبات الناس مختلفة وقد لا تتوافق مع رغبتك بالضرورة، والأفضل في مثل هذه الحالة إن كانت رغبتك مترجحة لجانب تخصص الأسنان أن تعود إلى هذا التخصص مرة أخرى، لا سيما أنه مجاني ولا يكلفك كما يكلفك تخصص الطب.
ومع هذا وذاك لا غنى عن الاستخارة التي هي طلب المشورة من الله تعالى، فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ: إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ:
«اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ..
اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك) خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ..
اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك) شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ. (وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ)
وَفِي رواية « ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.