السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مبدئيا شكرا لكم إخواني في الله في هذا الموقع.
أقدر جهودكم الطيبة في خدمة الإسلام والمسلمين، جعله الله في ميزان حسناتكم.
عمري 17 سنة ، أنا حاليا في مرحلة الثانوية العامة (توجيهي) هذه المرحلة تتطلب الكثير من الجهد، بحيث أنها تحدد مصيرك وتخصصك في المستقبل، وقد كنت دائما من المتوفقين، ودائما معدلي فوق 97%.
المهم بقي شهران وتبدأ الامتحانات، وأنا قصرت في أيام كثيرة في فترة دراستي، تخللتها أيام تعبت فيها، وحاليا أنا مجتهد -والحمد لله- وأدرس بجد، ودائما أدعو الله أن أحصل على معدل 98% ، ولكن المشكلة تكمن فيّ، أقول لنفسي: أنا لم أتعب التعب الكافي للحصول على هذا المعدل، حيث إنه يوجد طلاب تعبوا أكثر مني ويستحقون هذا المعدل أكثر مني، وإذا حصلت على هذا المعدل سيكون ظلما لهم، قال تعالى: (ولا يظلم ربك أحدا).
أنا دائما أدعو الله في الفروض الخمسة أن يعطيني هذا المعدل، وفي صلاة الضحى وقيام الليل، لكن أقول في نفسي: الله لن يستحيب لي لأني لم أتعب التعب الكافي.
نيتي طيبة، وأدعو لجميع أصدقائي وزملائي بالخير والتوفيق، وأسعى بهذا المعدل لخدمة الإسلام والمسلمين ما رأيكم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك أخي أحمد، ونحن سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يوفقك في دراستك، وأن يوفقك للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يرضيك به عز وجل ويرضى عنك.
بالنسبة لسؤالك فأقول لك أخي الحبيب:
• بداية احمد الله عز وجل بما حباك به من تفوق في دراستك، وبما وفقك إليه من طاعة له، من الحفاظ على الصلوات وصلاة الضحى وقيام الليل.
• ثم اعلم أخي أن الله عز وجل قد وزع الأرزاق بين العباد فقال عز من قائل: (والله فضل بعضكم على بعض في الرزق)، وقال تعالى: (وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍۢ دَرَجَاتٍ)، وقال تعالى: (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍۢ دَرَجَات). وتوزيع الأرزاق ليس فقط في المال، بل حتى في الذكاءات، والصحة، والجاه والمكانة، والزوجة والذرية، والقبول في قلوب الخلق، وحسن الخلق، … وغيرها فهذا كلها من الأرزاق، وجعل الله الناس يتفاوتون فيها لحكمة أرادها الله عز وجل، وليس يَكْمُلُ للإنسان كل شيء.
• أخي الحبيب: التوفيق هو من الله، وقد قال الله تعالى: (وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أُنِيب)؛ ولذا فالإنسان يجتهد بالإلحاح على الله في أموره كلها طلباً للعون من الله والتوفيق والسداد؛ ولذا أخي كثرة دعائك لله أن يوفقك في دراستك ويعطيك النسبة التي ترجوها هذا من الخير الكبير ومن توفيق الله لك أن جعلك تعتصم به وتلجأ إليه وتستمد العون منه.
• وأما بالنسبة للتفاوت بين الناس: فإنه ليس مربوطاً بحجم وكمية الجهد المبذول، فأنت ترى العامل يبذل جهداً أكبر بكثير من المدير، ومع ذلك هم يتفاوتون تفاوتاً كبيراً في الدخل، وكذلك التجار يتفاوتون في تجارتهم وأرزاقهم مع تباينهم في جهدهم، فبعضهم قليل الجهد كثير الرَّيْع، وكذلك الطلاب فبعضهم يبذل جهداً أقل ويكون من الأوائل وبعضهم يبذل جهداً أكبر ولا يكون من الأوائل؛ لما جعل الله بينهم من الفروق الفردية، أو لاختلاف النيات، أو للاعتماد على الأسباب المادية دون الاعتماد على الله، وغير ذلك.
• فلتطمئن نفسك ولا تتحرج واستمر في اجتهادك، ودعائك لربك جل وعلا، ولا يقف همك عند تحقيق ذاتك، بل ليكن همك خدمة أمتك والإسلام وأهله.
• أخي الحبيب: اقطع عنك باب الوسواس والتفكير، لأنها من خطوات الشيطان ليحزن الذين آمنوا.
• أكثر من دعاء الله عز وجل، ودوام الاعتصام به، واللجوء إليه، والاستعانة به تبارك وتعالى.
أسال الله أن يحفظك ويصلح لك حالك وبالك، ويعزك بالإسلام ويعز الإسلام بك.