السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا في المرحلة الأخيرة والأهم من دراستي ما قبل الجامعية، وأنا من الطلبة المتفوقين في دراستي، وكنت علي هذا النحو في أول السنة الدراسية حتى جاء منتصفها، ثم بدأت أعاني من أفكار وسواسية حول أن معدل ذكائي ينخفض، ولن أحقق هدفي بنهاية المرحلة الدراسية، ورغم أنني حاولت بشتى الطرق دحر هذه الأفكار الوسواسية كأي أفكار وسواسية أخرى تراودني عادة، إلا أنني لم أستطع أبدًا، بل تطور الأمر عندي لدرجة إصابتي بانخفاض في ضغط الدم نتيجة التوتر والقلق من هذه الفكرة؛ والذي أدى إلى أنني أصبحت أقل تركيزًا في موادي، وأشعر بدوار دائم مما عزز من فكرة الوسواس بفقد قدرتي على التحصيل.
رغم أنني قد بدأت من مدة قصيرة في أخذ العلاجات اللازمة لمشكلة ضغط الدم -بعد استشارة الطبيب-، إلا أنني لا زلت لا أستطيع التخلص من هذه الفكرة الوسواسية، بأن معدل ذكائي واستيعابي الدراسي انخفض، وبدأ ذلك يؤثر فعلًا على أدائي في دراستي، والذي بدأ في الانخفاض تدريجيًا بسبب تشتتي الدائم بسبب هذه الفكرة، وأيضًا فكرة أنني أصبت بعين في دراستي، ولا أستطيع التخلص منها، فماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لقد سيطرت عليك فكرة سلبية ليس لها وجود في الواقع، فالذكاء يتطور مع تطور الجانب النمائي للإنسان في جميع المجالات الحركية والاجتماعية والأكاديمية وغيرها، فالذكاء حصيلة لما يكتسبه الإنسان من خبرات بيئية وجينات وراثية، ولا يتأثر خلال أربعة شهور فيتراجع بالكيفية التي تتحدث عنها، لذا فالاعتقاد السلبي جعلك توجد مبررات لما أنت عليه الآن، بمعنى، كلما حصلت على درجة منخفضة في مادة ما ترسخ لديك الشعور بتناقص قدراتك العقلية، ولكن في الواقع هذا التراجع هو انخفاض في التحصيل، وليس نتاجًا لانخفاض معدل الذكاء لديك.
وهناك فرق بين الذكاء والتحصيل، فليس بالضرورة أن تمتلك قدرات عقلية عالية لكي يكون تحصيلك الدراسي عاليًا، ولكن يفترض أن تمتلك قدرات عقلية لا تقل عن المتوسط، (أي درجة ذكاء ما بين 90 إلى 109) على أحد الاختبارات العقلية العالمية، مثل ستانفورد بينيه أو وكسلر. بمعنى، ويمكن لمن يدرس ويجتهد أن يحصل على درجات عالية في المواد على الرغم من أنه من ذوي الذكاء العادي (المتوسط) وليس من ذوي الذكاء العالي، ويمكن لطالب يمتلك قدرات عقلية عالية جداً أي أعلى من (108) أن يرسب في المواد الدراسية؛ لأنه لا يدرس ولا يتابع ولا ينتبه لشرح المدرس.
ابني العزيز: فيما يلي مجموعة من الإرشادات العملية المباشرة، التي تعينك -بمشيئة الله- في التخلص من الحالة التي تعانيها:
– بداية: عليك حصر جميع الأسباب والظروف المحتملة التي أوصلتك إلى هذه الحالة، واعمل على تحييدها من حياتك اليومية، ليس هذا وحسب، بل اعمل على استبدال الأسباب والظروف السلبية بظروف إيجابية، وهذا يكون من خلال البدء بالتغيير، تغيير المكان، العادات، الأشخاص الذين تتعامل معهم بشكل يومي، فهناك أشخاص يمدونك بطاقة سلبية بأفكارهم ومقترحاتهم وتقاعسهم، وابحث عن أشخاص أكثر حيوية وإيجابية يدفعونك نحو مستقبل تفاؤلي مليء بخبرات النجاح والتفوق والفرص.
– لا تؤجل الدراسة والواجبات، بل أنجز كل ما هو مطلوب منك فهذا سيثير فيك الالتزام والرغبة في التعلم.
– صمم برنامجاً لدراستك، يتضمن الأيام، وساعات الدراسة، وساعات الفراغ والترويح عن النفس.
– صمم قوائم تُبين مدى الإنجاز أثناء الدراسة؛ بحيث يتم تثبيت الوحدات أو الصفحات المُنجزة لكل مادة.
– الانتهاء من الدراسة أولاً ثم ممارسة الهوايات المفضّلة، قراءة المادة الدراسية بإتقان وتركيز، ومراجعتها جيداً.
– اختر بعض الزملاء ذوي الأخلاق الحسنة وراجع معهم المادة العلمية، فهذا سوف يشجعك ويوجد فيك حب التنافس.
– مارس الرياضة التي تحبها وخصص لذلك وقتا محددا ضمن الجدول اليومي.
– قلل من استخدام جميع مشتتات الذهن، وأهمها: (الهاتف الذكي وما يتضمنه من برامج تواصل اجتماعي، وتطبيقات للعب،…).
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.