السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أنا طالبة طب في السنة الثالثة، دخلت كلية الطب بإرادتي، وتعبت كثيرا من أجل دخولها، ودعوت الله ليالي ونهارا من أجل ذلك والحمد لله استجاب الله لي، لكن طوال هذه الـ 3 سنوات كل ما أحس به هو الألم والحزن والتعب، وكرهت الطب على قدر ما أحببته؛ لأني منذ دخولي إليه رغم كل ما أبذله من جهد لا أحصل على نقاط كافية، ليس فقط نقاطا عادية، لا بل نقاطا كارثية بمعنى الكلمة، وترتيبي من آواخر الدفعة.
كل عام نفس القصة ونفس الألم، مهما حاولت تحفيز نفسي، مهما حاولت تطوير نفسي، مهما حاولت تغيير طريقة دراستي، إلا أن ذلك لا يؤدي إلى أي نتيجة! أنا أشعر بتعب وحزن شديدين، أريد الهرب من كل هذا الكابوس، فقد أصبح الطب كابوسا بعد أن كان أجمل أحلامي!
أشعر بأني أضعف مستوى من كل أقراني، لا أملك أي معلومات طبية، كما يجب أن يمتلك أي طالب طب في السنة الثالثة من دراسته، ولم أعد أملك الرغبة بالدراسة ولا الاجتهاد، وكانت كل آمالي وقوتي قد استنفدت لمدة 3 سنوات.
أرجو منكم إرشادي وإعطائي أي نصيحة؛ لأنني أشعر بالاختناق ولا أستطيع إخبار أحد لاسيما والدتي، فهي تحمل أضعاف ما أحمله أنا، أرجوكم، أي نصيحة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً وسهلاً بك، ونشكر تواصلك معنا، وأعانك الله على تجاوز هذه المرحلة بكل رضا.
سعدت بك، وأحيي فيك هذا الطموح الذي يُبشر بمستقبل باهر ومشرق لفتاة عفيفة مسلمة طيبة الخلق، لقد مَن الله عليك بعلو الهمة، وإسلامنا يحض على السمو والارتفاع والجد والاجتهاد، وأنت فتاة مميزة، وأنعم الله عليك الإرادة والعلم.
ونحمد الله ونشكره أن أوصلك إلى كلية الطب وصدق الله معك فاستجاب دعائك وحقق لك الحلم، ومما لا شك فيه أن دراسة الطب مرهقة جسديا ونفسيا واجتماعيا، وخاصة في السنوات الثلاث الأولى، وهذا ما نسمعه من بعض طلاب الطب، والبعض الآخر يُخبرنا أن السنة الرابعة هي بداية دراسة الطب الواقعية وخلال هذه السنة يتم فيها تدريب طلاب الطب في إحدى المستشفيات.
عزيزتي: ما تعانين منه له أسباب كثيرة، ربما تتعرضين إلى ضغوطات من الأهل، أو تواجهين خلافات مع بعض زملاء لك في نفس التخصص، أو ربما فشل في علاقة خاصة! وكنت أتمنى لو أنك أخبرتنا أكثر ما هي الأمور التي تزعجك في بيت أهلك؟ هل هناك أحداث أسرية؟ وهل جو المنزل مهيأ لدراسة تخصصك؟ ذكرت في آخر استشارتك وقلت: “لأنني أشعر بالاختناق ولا أستطيع إخبار أحد لاسيما والدتي فهي تحمل أضعاف ما أحمله أنا”، مما يُفهم أنه ليس لديك شخص مُقرب تفضفضين له همومك، وهذا هو ما تحتاجين إليه الآن.
الخطوة الأولى للوصول إلى الهدف المنشود، هي أن نتخلى عن العوائق والقناعات النفسية التي في داخلنا ونفعل كل ما بوسعنا، نزيح تلك العوائق والقناعات التي يحملها الكثير منا، مثل: أريد الهروب، لا أقدر، استنفدت قوتي وآمالي، لم أعد أملك الرغبة، وأن نستبدلها بقولنا: “أنا لا أريد الهروب، أنا أملك الرغبة والشغف، أنا لدي الإرادة أن أقول لا للتراجع عن تحقيق حلم مهنة العمر، أن أصبح طبيبة يفتخر بها المجتمع الإسلامي والعربي… إلخ، وهل تعلمين أنك تملكين أقوى وأهم مقومات النجاح والسعادة وهي الإرادة، وهذا ما بدأت به رسالتك وقلت: “دخلت كلية الطب بإرادتي وتعبت كثيرا من أجل دخولها”.
الله تعالى يطلب منا أن نقوم بالأسباب ثم نتوكل عليه سبحانه وتعالى، واعلمي أن حل مشكلتك لا يملكه أحد سواك بعد الله، ولا تنسي أنَّ هذا مستقبلك وحلم حياتك بأن تصبحي طبيبة، فنحن نريدك فتاة مسلمة قوية ومتميزة ينتفع منها المجتمع، ويتشرف بها المسلمون.
إن لخالقك عليك حقا، فحافظي على الصلوات الخمس، وأكثري من الدعاء والاستغفار، وقد قال الصادق المصدوق الأمين: “من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم فرجًا ورزقه من حيث لا يحتسب” ولنفسك عليك حقا، فلا تهملي نفسك وصحتك، وواجهي حياتك بقلب فتاة مسلمة قوية؛ فالمسلم القوي خير من المسلم الضعيف. فلا تنسي ممارسة الرياضة، ومن فوائدها: تهدئة الجسم والمخ؛ حيث تخفض مستوى هرمونات التوتر، وتحسن من الحالة المزاجية.
أخيرًا: يقول علماء النفس: “إن كثيرًا من الهموم والضغوط النفسية سببها عدم الرضا”، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “وارض بما قسم الله تكن أغنى الناس”.