السؤال
السلام عليم
أعاني من دوخة وتنميل في الرأس من الجهة اليسرى، وفقدان تركيز كأنني مستيقظ من النوم، ولكن بصفة مستمرة، وزغللة بسيطة بالعين، وهذه الأعراض بدأت منذ خمسة شهور أجريت أشعة مقطعية، ورنينا مغناطيسيا للمخ، وأخبروني أنه يوجد تجلط دموي صغير جدا ليس له أي خطورة، وأن ما أعاني منه هو حالة نفسية.
لقد راجعت أطباء كثيرين في مختلف المجالات، حتى أصبحت أخاف من مراجعة الأطباء، فأجريت فحوصات وتحاليل دون جدوي، والأعراض في تزايد! فمنذ أسبوع بدأت أشعر بثقل في الجانب الأيمن، وصداع متنقل بالرأس، وشد بالرقبة، وبالرأس بأماكن مختلفة بالرأس.
جميع الأطباء النفسيين أعطوني علاجات وأدوية كثيرة، وانتظمت لفترة على معظمها، ثم انقطعت، لقد أصبت بالوسواس المرضي القهري، وأخاف خوفا شديدا من أن أموت فجأة، وأصبت بالاكتئاب والبكاء، وأوجه دائما بدعاء الله أن يشفيني، ويعيد إلي أيامي الطبيعية التي كنت أعيشها بطبيعية، فقد اشتقت لها.
أنا متزوج حديثا، وعمري 26 سنة، ولكن لا أشعر بالفرح، ولا السعادة، فأنا مشغول بالقراءة والبحث عن أعراض مرضي، وتحولت حياتي لجحيم.
كما أن حالات الخوف والهلع الشديدة تنتابني، ما يسبب لي بالركض باتجاه قسم الطوارئ بالمستشفى، ليخبروني أني بصحة جيدة.
أرجوكم ساعدوني، فليس لي الآن سوى الله عز وجل، ثم أنتم، راجيا من الله أن يجعل شفائي على أيديكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يجب أن تكون قناعاتك ثابتة وصلبة أنك بخير ما دام الأطباء قد أفادوك بذلك، وكلمة (الجلطة) التي ذُكرت لك مع احترامي وتقديري الشديد للإخوة الأطباء، إلا أني أراها ثقيلة على النفس جدًّا.
نعم ربما تكون هنالك أعراض بسيطة جدًّا أو تغيرات بسيطة لُوحظت في الرنين المغناطيسي، حيث إنه حساس جدًّا، لكن أصلاً ما دام هو تجلط دموي صغير جدًّا فلا داعي لذكره لك.
عمومًا أنا لا ألوم أحدًا أبدًا خاصة زملائي، لكن الذي أود أن أقوله لك: لا تجعل هذا الموضوع يتلاعب بكيانك الداخلي على مستوى العقل الباطني، فكثير من الناس تكون هنالك أشياء مكتومة ومخزنة على مستوى اللاوعي لديهم، وهذه تتلاعب بوجدانهم كثيرًا.
أيها الفاضل الكريم: ما دام الأطباء قد طمأنوك فيجب أن تطمئن، لا توجد جلطة، لا يوجد أي شيء، ربما كان تكونًا دمويًّا عرضيًا، ونسبة لدقة الرنين المغناطيسي تم اكتشافه.
أنت الآن حالتك نفسية، من الواضح أنه لديك تخوفات مرضية، أتمنى ألا تصل لدرجة المراء المرضي، والمراء المرضي هو نوع من التوهم المستمر للإنسان فيما يتعلق بصحته، واعتقاده أنه مريض، ويتنقل بين الأطباء لدرجة ما نسميه بالباب الدوّار، يذهب من هنا ويأتي من هناك، ويكون على هذه الشاكلة.
لا أريد لك ذلك أيها الفاضل الكريم، أنت شاب، عمرك ستة وعشرون عامًا، لديك القدرة، لديك طاقات نفسية وجسدية وفكرية يجب أن تسخرها لما هو أفضل.
أنصحك بأن تحقر الوساوس، وأن تعيش حياة صحية، الحياة الصحية تتطلب الآتي:
-أن تجعل لحياتك هدفًا.
– أن تحرص على أمور دينك.
– أن تكتسب المعارف والعلم.
– أن تتغذى غذاءً صحيحًا ومتوازنًا.
– أن تنام نومًا صحيحًا.
– أن تمارس الرياضة.
– أن تكون بارًا بوالديك، وأن تكون متواصلاً مع أرحامك، وأن تكون صاحب همة عالية.
هذه هي الحياة الصحية الصحيحة التي – إن شاء الله تعالى – تجعلك تكتشف فعلاً أنك صاحب مقدرات، وحين تقبل نفسك على هذا الأساس الإيجابي هنا – إن شاء الله تعالى – تنشرح أساريرك، فأنت محتاج لهذا النوع من الدعم النفسي الذي يقوم على التغيير الفكري والمعرفي.
أيها الفاضل الكريم: أتمنى أن يتحدث طبيب الأعصاب الذي راجعته مع أحد الأطباء النفسيين، وذلك من أجل التشاور في حالتك، هذا يطمئنك كثيرًا، وإن كنت ترى أن زيارتك للطبيب النفسي لوحده سوف تكون كافية هذا أمر جيد، وأنصحك ألا تتنقل بين الأطباء، اثبت مع طبيب واحد.
كل الذي تحتاجه هو الدعم النفسي، كل الذي تحتاجه هو الاستبصار لحالتك، كل الذي تحتاجه أيضًا هو أن تعيش حياة صحية كما ذكرت لك، وقطعًا تناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف والوساوس حتى وإن كان لفترة طويلة، هذا سوف يكون داعمًا لك، وهذه الأدوية كثيرة ويأتي على رأسها المودابكس، يُضاف إليه جرعة صغيرة من الدوجماتيل.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.