السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,
بداية: أود أن أقدم دعواتي الصادقة للعاملين في هذا الموقع، دعوات عامة للجميع، وخاصة للدكتور الفاضل محمد عبد العليم، حقيقة إنه رائع في منهجه، فقد قرأت الكثير جدًّا من ردوده الفاضلة، فلاحظت المنهج المعتدل الذي يسير عليه، فأسال الله تعالى أن يعطيَه حتى يرضى, ويغفر ذنبه.
سؤالي: أعاني الآن من الأعراض التالية:
– رجفة بالجسم، أحيانًا يعقبها إسهال، خاصة في وقت الصباح عند الاستيقاظ، وأحيانًا إمساك.
– انتفاخ بالبطن, وشعور بالامتلاء حتى مع عدم الأكل.
– تجشؤ بصوت مرتفع جدًّا، وبطريقة غريبة، وهذا ليس مستمرًّا لكنه كثير، يأتي مع شعور براحة عند التجشؤ.
– ألم خفيف في الصدر، يتنقل بمنطقة الصدر، والأكثر في الجهة اليسرى.
– أشعر أن الألم بالعظام، لكن أخاف أن يكون بالقلب.
– عندما أتنفس بعمق أشعر بألم خفيف في جنبي اليسار من آخر عظام القفص الصدري.
– أحيانًا أشعر بألم في رجلي دون عمل أي مجهود.
– تنميل بيدي وشعور كأن وخز إبر فيها.
– أحس بوجود شي ما في حلقي كأنه دائرة في أسفل الرقبة، مع ألم يسير جدًّا، لكن الشعور بوجوده مخيف،
– ترقب أمر سيء.
– حديث مع النفس وتخويفها بأن هناك من يقول سيحدث لك كذا وكذا.
ليست الأعراض المشكلة, وإنما تخوفي من الأعراض, ومن أي شيء، أحيانًا بدون سبب أشعر بالخوف، وأفسر كل شيء بأشياء مخيفة، وأحلل الأشياء بأسوء الأمور، تأتيني كوابيس, وأفسرها في رأسي بأمور مخيفة، هذه الحالة جاءتني بعدما تعبت فجأة في رمضان، وبعد التحليل ظهرت النتيجة بأنه قولون عصبي، وتنقلت بين العديد من المستشفيات بسبب هذا الألم.
تعجب أهلي، كل يوم أُفاجئهم بعلة جديدة، ضعف نشاطي في عملي، وحديثي كله عن التعب, بل إن قراءتي كلها عن الأمراض، أستيقظ في الليل فآخذ النت مباشرة، وأقرأ عن الأمراض، وأسأل عن الأعراض، ملَّ الجميع الجلوس معي لكثرة شكواي، أتعبت صديقتي فأنا أتصل عليها في كل وقت، أخبرها بما يؤلمني، وعندما أتصل أول شيء تقوله ما الذي يؤلمك اليوم؟ أشعر أنني لا أحس وما الذي في, لا أعلم!
تعبت، ليس من الألم، ولكن من القلق الذي أعيشه، أجاهد نفسي كثيرًا، وأتغلب عليها فأعيش طبيعية, لكن بلحظة أرجع من نقطة البداية، أنا قلقة بطبعي، تعرضت لكثير من المصاعب بحياتي، كنت أحزن كثيرًا, لكن الأمر تغير منذ سنة؛ فقد تغيرت للأحسن بعد أن أعانني الله على نفسي.
من ماذا أعاني؟ وهل أعراضي نفسية؟ أتمنى أن ترشدوني إلى النظرة الصحيحة لما أعاني، علمًا أنني -ولله الحمد- أستفيد من ردودكم كثيرًا، نفع الله بكم، وأنا أطبق كل ما تأمروني به في بعض الاستشارات، وأجد -ولله الحمد- تحسنًا، لكن ما يلبث أن يذهب.
ماذا عليّ أن أفعل؟ ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بداية: أؤكد لك أنني قد اطلعت على رسالتك بكل دقة، وتمعنت في كل كلمة وردت فيها، وبناء على ذلك أقول لك: إن الذي تعانين منه هو آلام نفسوجسدية، السبب نفسي في المقام الأول، وظهرت الأعراض في صور جسدية، أهمها آلام القولون العصبي، وقد أحسنت الوصف والدقة في التعبير بكل ما تعانين منه.
الملفت للنظر هو حالة القلق التي تنتابك, والخوف حتى من أننا ربما لا ندرك أو لا نصل للتأويل الصحيح لكل كلمة وردت في شكواك، وهذه هي طبيعة القلق، القلق من كل شيء، من الأعراض, ومن توابعها, وكيفية تفسيرها، وما هو وقعها على الآخرين، والجانب الوسواسي واضح جدًّا في نوعية القلق الذي تعانين منه.
التمعن والتدقيق في الأعراض الجسدي والإلمام بكل تفاصيلها والتركيز على كل صغيرة وكبيرة، هي أيضًا من سمات القلق النفسي الذي يؤدي إلى هذه الحالات ذات الأعراض الجسدية التي تعانين منها.
إذن أنا أقول لك: كل الذي لديك هو حالة نفسية جسدية، وأرجو أن تتحسن قناعاتك بأن حالتك هي كذلك, وليست حالة عضوية، وأنا أتفق معك اتفاقًا تامًا أنها مزعجة لك, ولمن حولك، ولكن في ذات المستوى يجب أن نؤكد أنها ليست خطيرة أبدًا، ويعرف عن هذا النوع من الأعراض أنه يعالج من خلال الصبر عليه، والصبر لابد أن يشمل التجاهل, والتجاهل التام، وصرف الانتباه عن الأعراض، وهذا أيضًا يتطلب الصبر, والانخراط في أنشطة أخرى، ونوع مخالف من التفكير, والاستفادة من الوقت، وإدارته بصورة صحيحة هو من الوسائل المفضلة لأنْ يصرف الإنسان انتباهه عن أعراضه.
كما أن التقليل من التردد على الأطباء مطلوب جدًّا في هذه الحالات، وهذا يُستعاض عنه بأن يكون لك طبيب أو طبيبة متخصصة في الأمراض الباطنية – مثلاً – وتكون لك مواعيد ثابتة مرة كل ثلاثة أشهر، وذلك من أجل المراجعة والفحص الطبي العام، هذا وجد بأنه وسيلة مفيدة جدًّا لإقناع الإنسان، والحد من رغبته الملحة في التردد على الأطباء.
كثيرًا ما نهمل ممارسة الرياضة, بالرغم من فائدتها المثبتة, خاصة في مثل هذه الأعراض، وأنا أدعوك للقيام بممارسة الرياضة.
دراسات كثيرة جدًّا أشارت أن الأدوية المضادة للقلق والاكتئاب هي خط العلاج الأول لعلاج مثل هذه الحالات، حتى وإن لم يوجد اكتئاب إكلينيكي واضح.
البعض تكلم عن القلق المقنع، والاكتئاب المقنع، يعني الذي لا يظهر في صورته الحقيقية، ولكن تكون له امتدادات عضوية، فإذن أخذ دواء مضاد للاكتئاب سيكون مفيدًا، والأدوية المضادة للاكتئاب أيضًا بصفة عامة هي أدوية مضادة للوساوس والقلق، وحتى للمراء المرضي, وهو كثرة الشكاوى العضوية، ويكون منشأ هذه الشكاوى نفسيًا في الأصل.
أنا أرى أن عقار لسترال – والذي يعرف تجاريًا باسم زولفت – ويسمى علميًا باسم (سيرترالين), سيكون دواءً جيدًا بالنسبة لك، والجرعة المطلوبة هي أن تبدئي بحبة كاملة ليلاً، تتناولينها بعد الأكل، وبعد شهر اجعليها حبتين – أي مائة مليجرام – وهذه الجرعة العلاجية يمكن تناولها حبة صباحًا وحبة مساءً، أو كجرعة واحدة ليلًا، ويجب أن تستمري على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى حبة واحدة ليلًا لمدة ستة أشهر أيضًا، ثم اجعليها حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم حبة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.
هنالك دواء آخر مساعد يعرف تجاريًا باسم (فلوناكسول), ويعرف علميًا باسم (فلوبنتكسول) كثيرًا ما نصفه في مثل هذه الحالات، والجرعة هي حبة واحدة.
وبالله التوفيق.