السؤال
السلام عليكم
أنا متزوجة منذ 8 أشهر، وحامل في الشهر السادس، ومنذ أن تزوجت وأنا غير سعيدة في زواجي.
بعد زواجي بيومين أخت زوجي أنجبت طفلاً، وذهبت لمساعدتها، ونويت هذا لوجه الله، ولكن زوجي قال لي: إنه فرض أن أساعدها، وأساعد أهله.
المهم إن زوجي لم يكن لديه أي مال، أنا جمعت كثيراً من النقود، وزوجي كان يأخذ من مالي بإذني طبعاً، ووعدني بالسفر لشهر عسل، ولم نسافر لحد الآن، يقول إنه لا يملك نقوداً، علماً بأنه كان يوجد مال للسفر، ولكن كان قد اقترض ديناً من والدته، وقام بإرجاعه لها من مال السفر، ولم يقل لي هذا، وكنت أسأله عن السفر ويتململ، بحجة المال، وأنه لا يقدر، مع أنه كان لديه مال للسفر، ودائماً يأخذ مني نقوداً وغيرها.
أم زوجي تتدخل في حياتي، مثل الطبخ، والغسيل، علماً بأننا نسكن سوياً في بيت واحد، وعند زيارتي لبيت أهلي وأنا حامل ذهبنا لمشوار سوياً سفر 4 ساعات، قالت لي: إن حدث لك شيء أو أجهضت الطفلة فلا شأن لي، وأنت السبب! مع أني سألت الطبيبة، وقالت لي: لا يضر، قالت لي أم زوجي: الطبيبة لا تفهم ما تقول.
علماً بأنها متدينة، وفيها غرور أنها الأفضل في الطبخ والنظافة والترتيب، مع أني أحب طريقة أمي في الطبخ منذ بداية الحمل، وأنا بهذه الضغوطات والمشاكل تعبت، ولا أريد أن أخبر زوجي كي لا يظن أني أحمل في قلبي على أمه، وزوجي يرى كل شيء، ويرى تعامل أمه لي، ويقول لي: إذا بقيت أمي هكذا سأذهب لأستأجر بيتاً، ونسكن بعيداً، ماذا أفعل؟ أفيدوني.
علماً بأن وضع زوجي المادي صعب، ولا يوجد مجال للسكن بالإيجار، وأنا لا أريد السكن بالإيجار.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -أختنا الفاضلة، وإنا نسأل الله الكريم أن يصلح حال زوجك، وأن يبارك لك فيه، وأن يرزقك المولود الصالح، إنه سميع قريب مجيب.
أختنا الكريمة: إننا نحمد الله إليك هذا الزواج، ونحمد الله إليك هذا الحمل الذي نسأل الله أن يتمه على خير، ونحمد الله إليك وجود التدين عند أم زوجك، ونحمد الله إليك إحسانك إلى زوجك وإحسان زوجك إليك، كل هذه نعم يجب أن نحمد الله تعالى عليها.
ثانياً: أصعب سنة في الحياة الزوجية هي السنة الأولى؛ ففي بداية الزواج كل طرف يريد أن يفرض قناعته على الآخر، هذا أمر طبيعي، فمن اعتاد مثلاً شيئاً معيناً -كما تحدثت عن أم زوجك- فإنه يراه هو المعيار الأصوب، وما عداه إما خطأ أو دون ما تفعله هي، وهذا ليس خاصاً بأم زوجك، بل حتى بك وبكل فرد عاش حياة طبيعية مع أهله، الشاهد أن السنة الأولى غالبا ما يكون الحال فيها هكذا.
بعد أن يتعرف الطرفان أكثر على بعض، وبعد أن يكون بينهما مولود، تقل المشاكل تدريجياً، هي بالطبع لا تنتهي لأنها سنة الحياة وطبيعتها، لن تجدي بيتاً في الدنيا بلا مشاكل، بل أطهر بيت على وجه الأرض بيت المصطفى -صلى الله عليه وسلم- حدثت فيه مشاكل، وهذا أمر طبيعي.
ثالثاً: نحن لا ننصحك بسكن مستقل في هذا الوقت؛ لأن الظروف المادية التي يمر بها الزوج إذا اجتمع عليها إيجار بيت وتكاليف أخرى فإنه سيتغير عليك قطعاً؛ لأنه ساعتها سيكون مقتنعاً أن السبب في مصائبه تلك هو أنت، وسيتعامل معك وفق هذا الأساس، ولذا لا نرحب بهذه الفكرة أبداً خاصة في الوقت الحالي.
رابعاً: اعلمي -أيتها الفاضلة- أن الطباع الحادة سواء من أم زوجك أو من زوجك تلين بالمعاملة الحسنة، والمرأة الصالحة العاقلة -وأنت منهم إن شاء الله- هي من تقيم جسوراً طيبة بين زوجها وأهله، محتسبة الأجر عند الله عز وجل، وفي نفس الوقت مغلقة باب الشيطان بينها وبين أهلها، لذلك نريد منك اتباع عدة أمور:
1 :الاهتمام بوالدة زوجك والإحسان إليها دون انتظار مقابل منها، بل افعلي ذلك التماساً للأجر من الله عز وجل.
2 : قابلي الشدة باللين، والإساءة بالإحسان، والغلظة بالحنان، واعلمي أن الإحسان سيغير الآخر إلى الخير ولو بعد حين، ولكن افعلي ذلك التماساً للأجر قبل كل شيء.
3: أكثري من مدح أم زوجك ومن الثناء عليها، فإن مثل هذا الأسلوب يأسر القلوب، ويحولها بعون الله إلى الخير.
4 : أكثري من الدعاء لها، وبخاصة في صلاة الليل أن يصلحها الله، وأن يذهب عنها تلك الحدة التي في طباعها، فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء.
أما زوجك فإننا ننصحك بما يلي:
1-تضخيم حسناته في ذاتك، وتقليل سليباته، والبحث عما يرضيه منك، فإن هذا أثبت لقلبك، وأعون على الوصول إلى قلبه.
2- تعميق علاقتك وزوجك بالله -عز وجل- والاجتهاد في الابتعاد عن المعاصي، فإن الشيطان أمكن في البيت الذي لا يذكر الله فيه إلا قليلاً، كما ننصحك بالمحافظة على الأذكار صباحاً ومساءً، وقراءة سورة البقرة كل ليلة أو الاستماع إليها.
3- زراعة الحوار في البيت حتى في مثل هذه الظروف أمر هام، اجتهدي أن تتحدثي مع زوجك، وأن تبرزي له الأمور الإيجابية في حياته، وأن تمدحيه كثيرًا، فإن الرجل أسير المدح.
هو إذا رآك تمدحينه واعتاد على ذلك منك ربما سيتغير حاله ويبدأ في الحديث معك، ونحن نوصيك إذا تحدث ألا تقاطعيه ولا توقفيه، دعيه يقول ما يشاء ولو كان الحديث كله أخطاء؛ لأن الحديث في حد ذاته نصف العلاج.
4- نريدك أن تذكري له أن الحياة الزوجية لابد فيها من مراجعات حتى نتدارك الأخطاء ونبني على الإيجابيات، واطلبي منه أن يكتب لك كل السلبيات التي يجدها فيك، المهم أن يكون في نفسية صالحة للحديث، ولا تذكري له سلبياته إلا إذا طلب منك، ولا تتعجلي، فقد يطلب منك ولو متأخراً، لكن إن لم يطلب اعلمي أنه يراجع نفسه في ذلك، وإذا طلب منك حصر السلبيات اكتبي ذلك في ورقة واحدة، على أن يكون ثلثها الأول إيجابيات والأوسط السلبيات والأخير حبك له وتقديرك لتعبه.
أخيرًا: عليك بالدعاء أن يهديه الله عز وجل، وأن يصلحه، وأن يشرح صدره، وأن يصرف عنكم الشيطان، ولا تيأسي من روح الله.
وفقك الله –أختنا- لكل خير، والله ولي التوفيق.