استشارات منطقة الرأس

الخوف من الدوخة والدوار منعني من صلاة الجماعة… فماذا أفعل؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

أولا: أشكركم على هذا الموقع الجميل؛ لأنني تربطني به صداقة قوية جدا منذ أربع سنوات.

أما عن مشكلتي فسأترك الحكم لكم، أحتفظ بحكمي عليه لنفسي حتى لا أزعجكم به، أنا شاب عمري 31 عاما، ومتزوج من سنة ونصف، وأعمل بالتربية والتعليم مدرسا.

بدأت رحلتي مع المرض منذ أربع سنوات عندما توفي أحد أصدقائي من المدرسين، حيث أنني كنت نائما، وأيقظتني والدتي بخبر الوفاة.

بعدها بشهر بدأ يأتيني إحساس بالموت، وأني مريض، وذات يوم، وبعد منتصف الليل جاءني إحساس بنغزة في قلبي.

وأحسست أني سأموت مثل صديقي، فذهبت للمستشفى في الفجر، وعى أهلي، وكشف عليّ الدكتور، وعمل لي رسم قلب، ولم يجد شيئا، وقال إني سليم، بعدها بدأت التردد على أطباء القلب والباطنية، وكل الأطباء، ولم يجدوا شيئا.

وفي ليلة زفافي جاءتني دوخة شديدة، وعدم اتزان أشد من كل مرة.

والدوخة عبارة عن عدم اتزان، حتى وأنا جالس على الأرض ممكن أسند بيدي على الأرض حتى لا أقع.

المهم حتى لا أطيل عليكم ذهبت لدكتور مخ وأعصاب، وكتب لي دواء اركاليون 200 ، ودوجماتيل 50 ، وديبوفيت أمبول، وتحسنت لمدة شهر، وبعدها تعبت مرة أخرى، وعملت فحص للأذن، ولا يوجد شيء، وذهبت لدكتور باطنية، وقلب، وكتب لي أقراص باروكستن 20 ودوجماتيل، تحسنت لمدة ليست طويلة، حوالي شهرين أو أكثر، وبدأت تأتيني هذه الحالة كثيرا، عملت تحاليل دم ولم أجد شيئا سوى ارتفاع في الكولسترول، والدهون الثلاثية، ونظمت أكلي -والحمد لله- بدأت النسبة تنزل، وأنا حاليا لا أتناول غير الدوجماتيل 50 كبسولة يوميا، يوم بخير، وعشرة لا، تعبت ولن أستطيع الذهاب للأطباء مرة أخرى، أنا أحاول المقاومة بالرياضة، والنسيان، لكن ذلك لا يكفيني، وأتمنى أن أصلي جماعة، وأخاف من الدوار، وعدم الاتزان، ودائما أصلي في الصف الأخير.

أنتظر مثلا للركعة الأخيرة لأصلي لوحدي، وبقيت أحمل هم يوم الجمعة جدا؛ لأنى لازم أصليها.

سؤالي: ما هو تشخيص حالتي؟ وهل لي علاج أم لا؟ وهل لابد من علاج دوائي لمثل حالتي؟ أم العلاج السلوكي يكفي مع المقاومة، وأشكركم على استقطاع هذه الدقائق لقراءة رسالتي المملة.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فالسرد التاريخي لحالتك يوضح أنه توجد رابطة قوية جدًّا بين الأعراض التي أتتك وخبر وفاة صديقك المدرس – عليه رحمة الله – وكانت هذه هي البداية، أو نقطة الربط كما نسميها، بعدها بدأت تظهر لديك أعراض قلقية، ولا شك في ذلك، والأعراض القلقية كان في الأساس مكونها الرئيسي هو المخاوف، والمخاوف كثيرًا ما تظهر في شكل أعراض نفسوجسدية، ومن أهم هذه الأعراض الشعور بالدوخة، وعدم القدرة على الاتزان، والإنسان قد يأتيه شعور أيضًا أنه سوف يفقد السيطرة على الموقف الذي يعيشه في تلك اللحظة.

وتبدأ رحلة المعاناة – إذا جاز التعبير – بالانتقال من طبيب إلى طبيب، يحدث ما يسمى بالمراء المرضي، وهو ليس توهمًا، إنما هو حالة نفسية معروفة، والبعض ينتهي به الأمر إلى بعض الخوف الاجتماعي، أعتقد أنه لديك درجة من الخوف الاجتماعي، وهذا هو الذي جعلك تجد صعوبة كبيرة جدًّا في الصلاة مع الجماعة خوفًا من افتقاد الاتزان.

هنالك ناحية أخرى لابد أن أشير إليها، وهو أنه في أثناء حدوث هذه الحالات النفسية ربما تحدث للإنسان بعض العلل الجسدية العضوية الحقيقية، مثلاً التهاب الأذن الداخلية، هذا معروف جدًّا، وهو يتجسد، ويظهر في شكل أعراض سخيفة جدًّا مثل الشعور بالدوخة والدوار، وعدم الاتزان، فهذا قد يضاف إلى ذاك، أي أن الحالة النفسية قد تدعم من خلال حالة عضوية، والعكس صحيح، بعض الأخوة والأخوات يصابون بهذه الحالات العضوية البسيطة المتعلقة بجهاز الأنف، والأذن والحنجرة، وبعد ذلك تأتيهم حالة نفسية، فيحدث نوع من التمازج، والتضخم للأعراض.

هذه كلها احتمالات واردة، أنا أقول لك أن حالتك – إن شاء الله تعالى – بسيطة، لديك قلق المخاوف واضح جدًّا، والذي أنصحك به – بعد هذا الشرح الموجز الذي أسأل الله تعالى أن ينفعك به – هو أن تعرف أن حالتك ليست خطيرة.

ثانيًا: أؤكد لك أنك لن تفقد اتزانك، ولن تسقط أرضًا في أي وضع اجتماعي. هذه مجرد مشاعر وليست حقيقة.

ثالثًا: لا تتجنب، التجنب يزيد من المخاوف، ويجعل الإنسان أكثر عزلة.

رابعًا: طبق تمارين الاسترخاء، فهي ذات فائدة كبيرة جدًّا، وإليك بعض الاستشارات السابقة التي سبق بها كيفية تطبيق تلك التمارين، وهي برقم (2136015).

خامسًا: بجانب الدوجماتيل أعتقد أنه من الأفضل لك أن تتناول العقار الذي يعرف تجاريًا باسم (مودابكس) ويعرف علميًا باسم (سيرترالين) دواء جميل ورائع حقيقة لعلاج قلق المخاوف، خاصة ذو الصيغة الاجتماعية أو القلق المرضي.

ابدأ في تناول الدواء بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا (نصف حبة) تناولها ليلاً بعد الأكل لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم اجعلها نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

ولا مانع أيضًا من أن تتناول عقار نتروبيل، هذا دواء طيب جدًّا يدعم الدورة الدموية للدماغ، وأنت تحتاج أن تتناوله لمدة شهر واحد، تناوله بجرعة أربعمائة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، والعلاج السلوكي ينحصر في: تفهمك لحالتك كما شرحناها، ومحاولة الدفع بأن تكون دائمًا في الصفوف الأمامية، تحقير فكرة الخوف والدوّار والدوخة، ممارسة تمارين الاسترخاء، ممارسة الرياضة، وأن تكون فعالاً في حياتك بصفة عامة، كما أن تناول الأدوية التي ذكرناها لك – إن شاء الله تعالى – تفيدك.

رسالتك غير مملة، رسالتك مفيدة وجميلة وطيبة، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بما ذكرناه لك، وبالله التوفيق والسداد.

Related Posts

1 of 71