الأخبار الطبية

غياب الفحص المبكر و البيروقراطية يضعفان علاج السرطان بالسعودية

اتفق استشاريون وخبراء صحيون على أن انتشار مرض السرطان في السعودية وصل لمرحلة “مخيفة”، مؤكدين أن تضاعف الإصابات يتم بمعدل 11 ألف حالة سنوياً، مقرين بأنه لا يمكن أن يعتبر أي مركز علاجي في السعودية مؤهلاً بحسب المعايير العالمية.

جاء ذلك في حلقة جديدة من برنامج “واجه الصحافة” الذي يعده ويقدمه الإعلامي داود الشريان وتبثه قناة “العربية” عند العاشرة مساء بتوقيت السعودبة،

الأرقام ترتفع بشكل حاد

من جهته، قال المدير التنفيذي لمدينة الملك فهد الطبية الدكتور عبدالله العمرو، ورئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية الخيرية لمكافحة السرطان؛ إنه على الرغم من أن السعودية تعتبر من أقل دول الخليج في معدل الإصابة العام، إلا أن نسبة الزيادة حسب إحصاءات 2005 تمثل 10 في المئة، وتعتبر نسبة مضاعفة مقارنة بالنسب العالمية التي لا تتجاوز 2 في المئة لرصد حالات الإصابة بالسرطان في العام الواحد.

فيما أشار خبير أبحاث المسرطنات بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث الدكتور فهد الخضيري إلى أن من أبرز المشاكل في النظام الصحي الحالي أن مراكز الصحة الأولية التي تعتبر غير قادرة على اكتشاف المرض وأن الكثير من الممارسين فيها لا يستطيعون ذلك، إما لضعف مهارات بعضهم أو لعدم توفر الأجهزة الحديثة في معظم هذه المراكز.

أما استشارية ورئيسة قسم أورام الكبار بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية الدكتورة أم الخير عبدالله أبو الخير فأكدت أن المؤشرات تقود إلى تضاعف الإصابات إلى 20 ضعفاً مستقبلاً، مشيرة إلى أنه في حالات الإصابة بمرض سرطان الثدي مثلاً ترتفع النسبة إلى 23% كزيادة سنوية في الإصابات، مؤكدة أن هذه النسب أيضاً غير دقيقة، فهناك حالات كثيرة لا يتم تسجيلها لأسباب عديدة تتعلق بالوضع المادي للمريض أو ظروف النقل أو العادات المجتمعية.

إلى ذلك، أكدت المديرة التنفيذية لمركز العمودي لسرطان الثدي بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة سامية العمودي أن غياب ثقافة “الفحص المبكر” تقود إلى كارثة في ارتفاع معدل الإصابات بالسرطان في السعودية، مشيرة إلى أن الكثير من الحالات لا تصل للمراكز المتخصصة إلا بعد أن تكون الحالة “في مرحلة متقدمة يصعب أو يستحيل علاجها”.

مشكلة غياب ثقافة الفحص المبكر

وأضاف الدكتور العمرو أن السعودية تعاني من مشكلة عدم دقة الإحصاءات أو تسجيل الحالات بشكل موحد، مبيناً أن المريض يضطر للتنقل بين أكثر من مستشفى ومركز صحي قبل التأكد من حالته، مشيراً إلى أن ذلك يمكن أن يُحصَر من خلال الفحص المبكر.

وضرب الدكتور العمرو مثلاً بمركز الفحص المبكر التابع للجمعية السعودية الخيرية لمكافحة السرطان، والذي تمكن من كشف 108 حالات مبكرة، داعياً الجميع لإجراء الفحص المبكر بمجرد دخول سن الأربعين.

وطالب العمرو بمركز وطني يتبنى استراتيجة التصدي للمرض، وتفعيل الدور الرقابي على المراكز والجهات التي دخلت على خط العلاج دون معايير علمية وتراخيص رسمية مؤهلة.

الإصابة ليست وراثية بالضرورة

من جهتها، أكدت رئيسة قسم أورام الكبار بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية الدكتورة أم الخير أبو الخير أن حالات الشفاء في السعودية متأخرة عما هو موجود لدى الدول المتقدمة، وأن المشاكل الحقيقية التي يواجهها المرضى أنه لا يتم قبولهم في المراكز والمستشفيات المتخصصة إلا بإحضار تقارير تثبت إصابتهم بالمرض.

ونفت الدكتورة أم الخير أن تكون أسباب الإصابة بالسرطان وراثية بالضرورة، مبينة أهمية استقراء التاريخ العائلي من قبل الممارس الطبي للوصول إلى التشخيص السليم، وأن من أهم أسباب الإصابة التقدم في العمر، وقلة الحركة، وبعض العادات الغذائية.

عادات غذائية خاطئة

أما الدكتور فهد الخضيري، عالم المسرطنات بمستشفى الملك فيصل التخصصي فقال إنه تم رصد ألف حالة سرطان ثدي حتى عام 2005، مؤكداً أن 70% من حالات سرطان الثدي تصل وهي في مرحلة (متقدمة ) يصعب علاجها، مشيراً إلى أن اللجوء للعلاج الشعبي ساهم أيضاً في عدم تسجيل الكثير من الحالات.

وانتقد الدكتور الخضيري تركز مراكز العلاج المتخصصة في مناطق معينة، وتأخير تحويلات المرضى إليها لا يتم إلا في مرحلة متقدمة من المرض، مبيناً أن من المشاكل الرئيسة أن العديد من الممارسين الطبيين يساهمون في انتشار المرض عن طريق خطأ التشخيص ومن ثم يبنى عليه العلاج الخاطئ أيضاً، معتبراً أن البيروقراطية الموجودة في بعض جوانب النظام الصحي تعيق تسهيل العلاج “حيث أن تأخير يوم واحد يفرق في حياة المريض”.

وطالب الدكتور الخضيري أن يتم النظر لوضع الكثير من المرضى الذين لا تسعفهم أحوالهم المادية في الوصول للمراكز المتخصصة في المدن الرئيسية، مؤكداً أن ذلك يدفعهم في النهاية إلى “الموت” لتوقفهم عن العلاج بسبب تلك الظروف.

ولفت الدكتور الخضيري إلى أنه يوجد حالياً في السعودية ستة ملايين مدخن مرشحون للإصابة بالمرض، وأن ثلث الحالات المصابة تتركز في الجهاز الهضمي، مما يعني أن الكثير من العادات الغذائية السلبية لدى المجتمع السعودي تسهم في رفع نسب الإصابة، ضارباً المثل بأكلات شعبية شهيرة مثل (المندي والمظبي) وكل أنواع الأكل التي يكون فيها حرق مباشر بالنار، محذراً في سياق ذلك من بعض أنواع (شيبس) الأطفال التي تندرج تحت المسرطنات.

واعتبر الدكتور الخضيري في نهاية حديثه أن العديد من الناس لديهم جينات قابلة لما وصفه بـ”التسرطن”، منتقداً خلو قوائم الفحص الدوري للأمراض لدى الكثير من المراكز والمستشفيات في القطاعين الحكومي والخاص من فحوصات المرض.

حساسية الكشف في سرطان الثدي

وانتقدت الدكتورة العمودي، التي سبق لها الإصابة بمرض سرطان الثدي، ما وصفته بـ”الإشكالية المجتمعية” التي تمنع السيدات السعوديات من الكشف والفحص المبكر فيما يخص سرطان الثدي تحديداً، مؤكدة أن الكثير من الأطباء المختصين وبدافع الحرج لا يقومون بالفحص الدقيق لذلك النوع من السرطان.

وأوضحت أن الوضع في حقيقته “مخيف ومضر بالاقتصاد الوطني” من ناحية أن تأخر الكشف عن الحالات يضاعف الإنفاق على العلاج، مؤكدة “الافتقار إلى مراكز مختصة بمعايير عالمية”، مضيفة أن “ثقافة الفحص المبكر هي الوقاية الحقيقية”، وأنه من المؤسف “أن الكثير يملك المعلومة ولكنه لا يملك الإدراك لأهمية الفحص المبكر”.

Related Posts

1 of 13